أنـا اليتيـمُ وأنـتَ الـوالـدُ الـولـدُ..مجـازُ معناكَ لا يَرقى لهُ أحـدُ

شعر: د. هاني عاشور*
قبل أسبوع مرت سنة كاملة على رحيل ولدي لبيد وقد فاضت روحه للسماء يوم 26-3 من العام الماضي ، والى روحه النقية هذه القصيدة ( لبيد روحي ):
أنـا اليتيـمُ وأنـتَ الـوالـدُ الـولـَدُ
مجـازُ معناك لا يَرقى له أحـدُ
قد كنتُ أرجو أرى كفّيك تُلحدني
لـكـنْ رأيـتـُك فـي كفــيَّ تُلتحـدُ
حُلمي بأنّك أمسي قد أراه غـداً
لكنّـه المـوتُ لا أمــسٌ لـه وغــد ُ
لكنّه المـوت يُحصينا ويُنقصـنا
ولا يـطاولــُـه عـمـرٌ ولا أمـــدُ
لا حلمَ بعدَك فـي جفني وأُغمضُه
قد غالَ بعدَك حلمي الدمعُ والرمدُ
قالوا تجلدْ أمامَ الشامتين وهلْ
مَنْ حُزَّ من نحرِه ينجو به الجَلدُ
أستغفرُ اللـهَ إنّي حـين اذكرُه
أقــولُ لا لـم يكـنْ كفـواً له أحـدُ
لبـيدُ يا شهقةً تخـتالُ فـي رئتي
و يــا مـجـامـرَ حزنٍ فـــيَّ تَـتقـدُ
أبعدما أوهنتْ عظمي السنينُ أسىً
وشابَ رأسي وأدمى مهجتي البلدُ
أمسيتُ في غربتين احترتُ أيّهما
آوي وكـلـتاهمـا يَـنـأى ويبـتـعـدُ
لبيدُ ضاقت ْمداراتي وأوجَعـني
صمتٌ وأنتَ بروحي الصائحُ الغَرِدُ
كم كنتَ تُنشدني شعراً وتُسمعني
أنـينَ حـزنِك من عـشقٍ وما تَجـدُ
وكنـتُ أُسمـعُك الآمالَ معتـذرا ً
بأنَّ جـرحَك ما يَنـدى له ضـمـدُ
كان ابتسامُك وهماً كنتُ أعرفـُه
وفـي فـؤادِك يـبكي حـبُّك الأبـد ُ
قالوا رحلتَ لمن تهوى فقلتُ لهم
إنَّ المحـبّين أوفى الناسِ لو عَهدوا
أطـوفُ في نبضِك الموّار يا ولـدي
مستغرباً كيفَ يحوي نبضَك الجسدُ
والآن صوتُ أنيني يستحيلُ شجىً
يـا لـطفَك الله مـن أنّـوا ومـن فَقدوا
يطغى بـي الدمعُ لكـنّي أراكَ بــه
فـي دمعةٍ وجـهُك الـريّان يبـتردُ
لـي بين عينيك أحـلامٌ مـؤجلـة ٌ
لـو جفّت الروحُ يأتي منهما المـددُ
وأنتَ يا ضوءَ روحي بعدما انطفأتْ
روحي ومـا زلـتَ في عينيَّ تَتقـدُ
أنـا بدونِـك ظـلٌّ ارتـدي كَفـني
حتّى لأغبطَ مـن ماتوا ومن لُحِدوا
أنـا كظيمُ اصـطباري نـاطرٌ أجـلي
وابيضَّ جفني وأودى مقلتي الرمدُ
لبـيـدُ يا آخـرَ الابـيـاتِ أكتـبُهـا
إنّ القـوافـي وقـد فارقتَها صـددُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*قصيدة الأخ الحبيب الدكتور هاني عاشور التي يرثي فيها (لبيدَ روحه)، تعتصرُ نياط القلب، وتُدمي العينين، بما تختزن من لاعج الحزن على فقدِ نجله الأكبر رحمه الله تعالى. وبرغم ما عليه خُسرانُ الابن من فداحةٍ مؤلمة لأيّما أب، أجدُ أنّ لبيداً متَّعه الله بجنات النعيم -بما كان عليه من خصالٍ ومزايا وقدُرات وأدبٍ وحبّ ولين جانب ومكارم أخلاق- ليستحق من أبيه، وذويه، ومنّا نحن الذين عرفناه وعشنا الكثير من أيام حياته مستوى استثنائياً من الأسى لفقده وهو في ريعان شبابه. تغمّده الله برحمته الواسعة، ومنّ عليه بجوده وعطفه ورضاه. إنّا لله وإنّا إليه راجعون.
قصيدة الصديق العزيز هاني تقطر حزنا بفقد ولده النجيب لبيد …نشاطره الاسى والحزن على لبيد الذي عرفناه منذ ان كان صبيا يافعا رحمه الله تعالى انا لله وانا اليه راجعون