سيعود حتى لو تعثر باللحودْ.. سيعود يغرسُ ما تبقّى من ورودْ

د. هاني عاشور *
اقترب مرور عام على رحيلك ولدي لبيد وما زلت أسألُ عنك .. لك هذه القصيدة …
ولدي لبيد
قد مرّ عام ..
وأنت لم تأتِ ووجهُك في الغمام
ما زال يشرقُ في الظلامِ
قد مرّ عام ..
ولدي لبيد ..
ارجع واكمل ما كتبت من القصيد
فالليلُ قد أرخى سوادَه
وبقيةٌ من حلمِك المكسورِ ظلّ على الوسادة
قد كان عمري ليس عمرُك بين موتِك والولادة
**
قد كنتَ تحلمُ بالسحاب
فكيف غيبَّك التراب
أوَ لستَ كنتَ تقولُ جرّبتُ النساءْ
ورضيت واحدةَ تبادلني العتاب
أوَ لستَ كنتَ تقول لي هذا المساءْ
سأشدُّ رحلي للإيابْ
ولم تعد ..
كان انتظاري مثل طيرِ ضاع في ليلِ الضبابْ
وانت ترحل في السراب
**
أعلنتُ أنّي قد هُزمتُ
أنا الفتى المهزومُ في حربِ الزمان
وخسرتُ يا ولدي الرهانْ
يا رمحيَ المكسور
يا سيفي المثلّم في الطعان
اصبحتُ كان
مذ صرتَ كان
وظلّ طيفك في المكان
يغتالُ ضحكتَه الدخانْ
***
بالأمس حين دخلتُ غرفتَك المليئةَ بالغياب
وشممتُ عطرَك في الثياب
ما ردّ لي بصري قميصُك يا لبيد
يا يوسفَ الزمن الجديد
يا ايّها المهدورُ في مدنِ الذئاب
****
بالأمس في قبر الحسين
طيفاً رأيتُ يديك تمسح بالضريحْ
كنت المسيحْ
كنت الانين المرّ في شفة الذبيحْ
******
قالت حبيبتُه يعود
ما بيننا وردٌ واحلامٌ وبيتٌ من وعودْ
قالت يعودْ
ولبيد يوفي بالعهود
سيعود حتى لو تعثر باللحودْ
سيعود يغرس ما تبقى من ورودْ
*عندما كنتُ في بغداد خلال الشهر الماضي، أمضيتُ أياماً طويلة في بيت صديقي “أبي اللّبد” الدكتور هاني. لم نُشرع في إفطار أو غداءٍ أو عشاء، إلا تغرغرت حنجرتُه بألم ذكرى ولدِه الحبيب، فيَبكيه ويُبكيني. أنا أيضاً لي مع “لبّودي” ذي الابتسامة الجميلة ذكريات وذكريات، فقد عرفتهُ منذ أيام طفولته. له رحمه الله تعالى “ضحكة جِنان”، كنتُ أحبّها وآنسُ بها كما آنس تماماً بإشراقة شمس الصباح. لكنْ ليس بوسعنا إلا اليقين بقوله تعالى: (قلْ لن يصيبنا إلا ما كتبَ الله لنا). اللهمّ ارحم لبيداً الحبيب برحمتك الواسعة، وأدخله جنّات النعيم، وارأف بوالديه وأخيه وأهليه ومحبّيه، وأفرغ عليهم صبراً. إنّك أرحمُ الراحمين. صباح اللامي