
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بقلم: صباح اللامي-أربيل
قالَ لي: هل تعرفني؟
تاهت بي دنيا الأصوات والأسماء، فقلتُ: عرّفْني العزيز، لعلّي لم أنسَ شيئاً!.
قال: أنا زيد عبد الكريم شيخ عشيرة السادة البو أسود الحسينية في سامراء، عرفتك منذ كنتَ مديراً لتحريرِ صحيفة الجمهورية، وكذا وكذا….
وبعد أول كذا، أجبته من دون تردّد، برغم مرور ثلاثين سنة على يوم لقائنا: نعم..يا شيخ زيد..وكذا وكذا وكذا. وقصصتُ بعضَ ما جرى في بغداد، ثم في سامراء، حيث لقائي مع والده الشيخ الحبيب عبد الكريم حسين المطر، رحمه الله تعالى وأسكنه جنّات النعيم.
لكنني –يا شيخ- بعدما انتهت المهاتفة السريعة التي تبادلنا فيها السلام والأرقام، تأملتُ موقعك على الانترنت فقرأتُ فيه أبياتاً شعرية تتحدّث فيها عن السماحة قائلاً:
گلوبنا من طيبها تحفظ الطيبْ
واللي يجينا من ردى الناس ننساهْ
إحنا البشرْ نخطي مع الوكتْ ونصيبْ
وإنْ بانْ في ثوب الخوي شگٍ رقعناه
برغم ذلك، لم يرتح قلبي، لاثنتين، تباخلي في رصيد الهاتف خوفاً من أنْ ينفدَ دون أكمال مكالمتي معك، وكنتُ أتوقعها تطول، ثم جهلي بصوتك، بسبب تغيّرات الصوت والسماع بعد مرور ثلاثة عقود بتمامها!. لهذا لم أجد غير هذه الأبيات التي كتبتُها لعلّك تسامحني على ما بدرَ منّي ولم يكنْ جميلاً بحقّك:
ثلاثون مرَّتْ لم تغادرْ سنامَها
ولم تتقِ عمّا يخافون ذامَها
وجئتَ توافي النفسَ ذِكْراً وآيةً
وتُمسكُ منها ما افترقتَ لجامَها
أخا الموقف الأبهى بظلِّ مُحجّلٍ
كريمِ السجايا لم يقارفْ حرامَها
شديدٍ ولكنْ أرحم الناسِ وثبةً
قويٍّ كأُسْدِ الغاب يلوي خطامَها
أبيٍّ مضى للموتِ واهبَ المُنى
زكيٍّ يفادي هُوجَها أو غمامَها
أخي (نجدة) يُقري ضيوف رحابِه
ويحمي ذماماً لا يُطيقُ رِغامَها
هو المُرتجى قبلاً وبعدَ غيابهِ
تبدّلتِ الدنيا فأعلتْ رُكامَها
أخا الموقف الأبهى أراكَ موفّقاً
وتلك عطايا الله يُقري كرامَها
لقدْ سُمتني سوء العذاب بلحظةٍ
نسيتُ بها في غمرةِ العمرِ هامَها
فعذراً لأني لم أبادرْكَ بالذي
يبادرهُ قلبُ يوافي ضرامَها
