تحليل سريعتحليلات

ذكريات بطعم الحنظل وأخرى برائحة الشَبّويْ .. (4)*

ساعة نور وساعة محمد سعيد الأسود

ليست هذه محاولة لإعادة الإعتبار وتبييض صفحة النظام السابق, لكن الشيء بالشيء يذكر. ساعة الرولكس التي يستعملها بطل فلم الفساد الأخير (نور زهير جاسم) الذي قام بإخراجه رئيس اللجنة المالية السابق في مجلس النواب (هيثم الجبوري) والتي تساوي قيمتها ثلاثة ملايين ونصف المليون دولار, ذكرتني (هذه الساعة) بحادثة عاصرتها عن قرب وكان بطلها المرحوم (محمد سعيد الأسود) الذي كان مديراً عاماً لما كان يسمى بالشركة الأفريقية في وزارة التجارة وهي التسمية التي كانت تطلق في السبعينات من القرن الماضي على المديرية العامة للإستيراد.

كان محمد سعيد الأسود عضواً في الفرقة الحزبية نفسها التي كنت أعمل فيها والتي كان ميدان عملها منطقة البتاويين وما جاورها وتابعةً لشعبة الكرادة, ولما كانت (الشركة الأفريقية) التي يديرها تتلقى بعض نماذج الساعات المتواضعة المعدة للتسويق الداخلي والمرسلة من قبل الشركات الأجنبية المصنعة لغرض فحصها كنماذج مجانية وتتجمع هذه النماذج في معرض الشركة أو في مخازنها فإن (الأسود) قام في بداية الأمر بتوزيع بعضها كهدايا لبعض الوزراء ومسؤولي الحزب بدلاً من إيداعها في مخازن الشركة اعتقاداً منه أنها ستتلف لا محالة حينما يطول خزنها.

لم ينتظر الرئيس أحمد حسن البكر حين عرف ب (جريمة القرن !) التي نفذها محمد سعيد الأسود, فلقد أمر فوراً بإحضاره وقام بتعنيفه على جريمة (إهداء بضع ساعات) مجانية متواضعة السعر لبعض مسؤولي دولته, طالباً منه عدم تكرار الأمر وإلا .. !

نزاهة أحمد حسن البكر كانت نزاهة عراقية موروثة وكان الرجل حقاً محافظاً عليها وحارساً لقيمها, وربما من الحق أيضاً إعتبار البكر خاتمة رئاسية لعقودِ من النزاهة التي بدأت مع تأسيس الدولة العراقية بقيادة مؤسسها الملك فيصل الأول وإنتهت برحيل البكر.

من الظلم مقارنة تلك العهود العراقية مع العهد الحالي, غير أن ساعة (نور) هي التي أخذتني لساعة (الأسود) وجعلتني أتساءل مع من كان حظ العراق أسوداً : مع (نور) أم مع (الأسود) .. ؟!

ثلاثة ملايين دولار قيمة ساعة يد .. يا سفلة القرن الواحد والعشرين.

ـــــــــــــ

*فصلُ من فصول سيرة ذاتية سياسية للكاتب ستنشر على حلقات.

ملاحظات مستقاة من صفحات الفيسبوك:  

     الدكتور حسن الزيدي كتب معلقاً على ذكريات زميله الدكتور جعفر المظفر:  

عزيزي الزميل جعفرالمظفر:  

كان يمكن أن تكون فكرتك أكمل واجمل لوقلت أن الزميل محمد سعيد الأسود هو أحد أعضاء أول قيادة قطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي التي تشكلت عام 1954برئاسة المهندس فؤاد الركابي وعضوية خريجي كلية التجارة والاقتصاد كل من شمس الدين كاظم وياسين فخري قدوري وجعفر قاسم حمودي وسعيد الاسود .

كما كان لي شرف أن يكون سعيد ثالث مسؤولٍ حزبي لي خلفا للرفيق خالد علي الدليمي والطبيب فائق جابر البزاز .

كما التقيت بالشهيد فؤاد الركابي عامي 1959و 1969وعرفت الرفيق شمس الدين عام 1962عندما كنا معتقلين معاً في بغداد وجعفر كان مسؤولنا في شعبة الكرخ المركز في بغداد والدكتور فخري كان أحد اساتذتي في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية المستنصرية المسائية.

تحياتي وتقديري لأنك وفي لقناعاتك الوطنية النزيهة.

 وفي تعقيبه على التعليق قال الدكتور المظفر: أعلم يا صديقي فقد كنت قريباً من الرجل وعلى دراية بتاريخه لكني لم أشأ الإطالة بل كنت أريد إيصال الفكرة بأقل قدرٍ من الكلمات. تحياتي وشكراً على إشارتك القيمة التي ساضيفها دون أدنى شك حينما أعيد كتابة هذه المقالة التي ستكون فصلاً من فصول المذكرات التي أنتوي إعدادها للنشر قريباً.

     وكرّر الدكتور الزيدي التعليق قائلاً:  زميلي العزيز اذا لربما تعلم بأنه صار عام 1963 مديراًعاما للسينما والمسرح خلفاً ليوسف العاني وأول أمر اداري أصدره هو تعييني موظفا فيها. تزوج الأستاذة أميرة نور الدين وأنجبت عليا. في عام 1968صار مديرا للمؤسسة التي تحدثت عنها حضرتك.

 إنه من الرجال الأكفاء في عملهم والمخلصين لوطنهم والنزيهين في ضمائرهم. إنه وطني قبل أن يكون بعثيا.

واسمحُ لنفسي لاقول انت ايضا حضرة الدكتور طبيب الأسنان جعفر المظفر من المثقفين الذين يجهدون بذكاء لتزاوج القوميات( كعناصر ولغات)مع الأديان ( كثقافات).

تحياتي وتقديري لجهودك الفكرية التقدمية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى