تحليل معمّقتحليلات

سعد ناجي جواد يشرّح جثث كابينة السوداني.. وضياء الشكرجي يشكره على التعجيل بكشف حقيقته!!

العراق: وفشل السيد محمد السوداني في أول اختبار

      بقلم: د. سعد ناجي جواد

كنت قد كتبت قبل أيام قليلة استباقاً لإعلان التشكيلة الوزارية أنّ السيد محمد السوداني أمام اختبار عسير ودقيق فيما يخص اختيار الوزراء في حكومته. ويؤسفني أن اقول الآن إنه فشل فشلاً ذريعا في أول مهمة، حيث جاء اعلان الوزارة ليثبت مرة اخرى ما كان متوقعا بانها مبنية على المحاصصة المقيتة وانها احتوت على اشخاص عليهم ملفات فساد كثيرة. والاهم هو انه لم يُسلِم امر اختيار الوزراء الجدد لاطراف معينة من الكتل والاحزاب المشاركة بالعملية السياسية فحسب، وانما اعاد توزير فاسدين وفي بعض الحالات بعيدين كل البعد عن المنصب الذي اختارهم له. كما انه قبل ان يعين شخصيات مجربة فاشلة. وهذا الكلام لا يطلق على عواهنه، وانما هناك ادلة واضحة ومثبتة، فمثلا:

احد المرشحين سبق وان عمل وزيرا وثارت ضده ضجة عراقية وعالمية عندما كشفت صحفية اردنية انه وادارته كانوا متورطين في عملية جلب بسكويت مغذي لاطفال المدارس في العراق منتهي الصلاحية، وتواطأت معه مديرة البرنامج المسؤولة في الامم المتحدة في عمان. وقدمت الصحفية الادلة على ذلك بعد ان تنكرت بزي عاملة ودخلت البناية التي كان يتم فيها تغيير الاغلفة التي تثبت انتهاء فترة الصلاحية بتواريخ مزورة جديدة. الصحفية ايضا قدمت كتبا رسمية صادرة من الوزارة المعنية في العراق ثبتت فيها الموافقة على قبول تلك الشحنات وتوزيعها على الاطفال. (علما ان بعض المدارس التي رفضت توزيع هذه المادة عُنِفت من قبل ادارة الوزارة)، وقام الامين العام السابق للامم المتحدة شخصيا بتكريم الصحفية ومعاقبة ممثلة البرنامج في عمان، بينما بقي الوزير العراقي في منصبه، وها هو يعود الان وزيرا مرة ثانية.

الوزير الاخر اثيرت ضجة عالمية كبيره ضده من استراليا التي يحمل جنسيتها والتي تقيم فيها عائلته لحد الان، حيث نشرت وسائل اعلام استرالية فيديو، لا يزال يتداول بكثافة على مواقع التواصل، يتحدث عن محاول سطو على منزل الوزير الجديد، وبعد ان القي القبض على من حاول السطو كشف ان المنزل يحوي اكثر من عشرة ملايين دولار نقدا سبق للوزير ان نقلها! من العراق وهربها بصورة غير شرعية الى استراليا، وخوفا من محاسبة دوائر الضريبة اخفاها نقدا في بيته.

وزيرة ثالثة حصلت على حقيبة في حكومة السيد السوداني في وقت لا يزال اسمها يتداول في قضية الاستيلاء على امانات دائرة الضرائب.

الوزير الرابع عاد للوزارة مرة ثانية رغم كل الوثائق التي نشرت عن ملفات فساد اثناء استيزاره اول مرة، وذكرت الوثائق انه قام باستيراد اجهزة قديمة ومستعملة وباسعار اضعاف اسعار الجديدة منها، مما تسبب في وفاة عدد من الناس البسطاء. كما تم احالة ملفات اخرى الى هيئة النزاهة عن الفساد المكتشف في الدائرة التي خدم فيها كمديرفي احدى المحافظات الجنوبية.

الوزير الخامس حاصل على شهادتي ماجستير ودكتوراة من جامعة اهلية لبنانية اثيرت حولها ضجة كبيرة بعد ان تم الكشف بانها باعت الكثير من الشهادات لطلبة عرب، واكثر من حصل على شهادات عليا لقاء دولارات قليلة من هذه الكلية هم من المسؤولين العراقيين، وهو الان يقف على راس الوزارة المسؤولة عن العلم.

وزير سادس نُقِلَ من وزارة الى اخرى رغم كل ما كتب عن الفساد الكبير الذي شاب عمل الوزارة التي كان يتولاها، والتي كشف احد السياسيين المحسوبين على الجماعات التي قدمت بعد الاحتلال، ان سعر هذه الوزارة قد قفز الى 100 مليون دولار، لانه اتضح انها المسؤولة عن تخصيص ميزانيات المحافظات والوزارات الاخرى، وانها لا تمنح هذه التخصيصات الا بعد اخذ نسبة منها.

الوزير السابع الذي سبق وان عين رئيسا لاحد الاوقاف الدينية قامت المحكمة الاتحادية بالغاء تكليفه بعد مدة وجيزة لظهور شبهات حول انتمائه او تعاونه مع تنظيم ارهابي ولوجود ملفات فساد عليه، واعيد تعيينه كوزير هذه المرة.

اما الوزير الثامن فلقد تم اختياره من قبل احد رؤساء الكتل الفاسدة ليراس اهم وزارة في البلد في هذه الفترة العصيبة، وهو بالاساس، وعلى الرغم من حصوله على رتبة عالية، لم يكن سوى ملازم اول هارب من الخدمة العسكرية في تسعينيات القرن الماضي.

واخيرا وليس اخرا جرى صراع شديد على وزارة مهمة بين الكتل، وتغيرت الاسماء اكثر من مرة ثم رضي السيد السوداني بقبول وتعيين المرشح الذي قدمته كتلة يرأسها انسان فاسد انتشرت فيديوهات عديدة على مواقع التواصل تُظهِر من يرشحهم لمنصب وزير او محافظ وهم يحلفون على القران الكريم بانهم سينفذون كل ما يطلبه منهم، وبالفعل تم تعيينهم ثم ظهر فسادهم.

وحالات اغلب الوزراء الباقين لا تختلف، وكلهم يمثلون كتلهم السياسية وكلهم اعلنوا في اكثر من مناسبة تفضيل مصلحة كتلهم على مصلحة الوطن.

اليس هذا اصرار على ادامة الفساد؟ الم يكن افضل للسيد السوداني لو انه اعتذر عن المهمة؟ في مرات سابقة كان بعض المرشحين لمنصب رئاسة الوزراء يتخذون اجراءا صوريا يتمثل في الطلب من المرشح الذهاب الى المحكمة كي يبرئ نفسه من التهم المنسوبة اليه قبل تعيينهم، وكان القرار ببراءتهم لا يستغرق اكثر من عشرين او ثلاثين دقيقة. حتى هذا الاجراء لم يقم به السيد السوداني او الذين رشحوا له الاسماء. وهكذا بعد عام من الانتظار، وبعد عشرين عاماً من الفوضى مازالت العملية السياسية مبنية على تدوير الوجوه الكالحة نفسها التي اوصلت العراق الى ادنى المراتب الدولية وفي كل المجالات. ان برنامج السيد السوداني الذي اعلنه في البرلمان، وبمثل هذه الوجوه التي اختارها، او بالاصح التي اختيرت له، يبقى كبرامج من سبقوه حبرا على ورق وضحكا على الذقون، ولا يغرّنه كثرة المنافقين الذين انهالوا عليه بالتقبيل بعد اقرار الوزارة، فهذا منظر مكرر ناهيك عن كونه مقزز.

سؤالان اخيران يجب توجيههما: الاول الى اولئك الذين قالوا، ومازالوا يقولون، دعونا ننتظر ولا نتسرع باصدار الاحكام حتى نرى النتائج، هل ترغبون الانتظار سنتين او اربع سنوات اخرى حتى يُنهَب الفائض من الاحتياطي النقدي العراقي الكبير مرة اخرى؟ والثاني الى اولئك الذين ظلوا يتحدثون عن عدم رضى المجتمع الدولي عن العملية السياسية وعن المحاصصة واستمرار تفشي الفساد في العراق، وعن قرب وضع العراق تحت البند السادس او السابع وعن القوات الامريكية الجاهزة لتغيير الاوضاع في العراق، الى غير ذلك من تخيلات، هل ما زالوا يعتقدون ان المجتمع الدولي والولايات المتحدة سيغيرون الوضع نحو الاحسن؟ السيدة ممثلة الامين العام للامم المتحدة والسفيرة الامريكية وسفراء اغلب الدول الاوربية كانوا اول من قدم التهنئة الى السيد السوداني على تشكيل وزارته ووعدوه بالتعاون معه في مهمته.

سابقا قال اينشتاين (الغباء هو فعل الشيء نفسه مرتين بالاسلوب نفسه وبالخطوات نفسها وانتظار نتائج مختلفة)، ترى ماذا كان سيقول عمّن كرر ويكرر ذلك للمرة السادسة او السابعة؟

لله درك يا عراق كم انت صبور، وكم انتم صبورون يا اهلنا الطيبين، حتى اصبح صبركم يثير الغضب.

وصدق جل من قائل (إِنَّ اللَّـهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم).

أشكرُ السدوداني لأنّه عجّل بالكشف عن حقيقته

      بقلم: ضياء الشكرجي

عندما رشح محمد شياع السوداني بكل تأكيد لم نجد ما يبرر لنا أن نستبشر بتكليفه ونتأمل منه الكثير. لكنني شخصيا كنت واحدا من الذين لم يريدوا أن يتعجلوا إعلان معارضتهم له مسبقا، بل قلنا لننتظر حتى نرى أداء حكومته.

   لكن السوداني يشكر لأنه لم يجعلنا ننتظر طويلا، فبمجرد اختياره لأعضاء كابينته من إرهابيين واللصوص ومزوري شهاداتهم وعديمي الكفاءات أعطى أمثالي ما يحسمون بسببه موقف المعارضة والمعارضة الشديدة من هذه الحكومة، وأن يكون الأصل في أحاديث السوداني ألا نصدقه، لأن الذي يختار لوزارته مثل هذه النماذج لا يعطينا أي مبرر للترقب وتأجيل الحكم.

   مع ذلك نقول هل يمكن أن تكون هناك معجزة ونجد أن الحكومة السودانية ستقدم للشعب إنجازا ما يجعلنا نغير موقفنا إيجابا. هذا غير مستبعد إذا لم نستبعد أن تنزل علينا من السماء حكومة ديمقراطية علمانية وطنية نزيهة كفوءة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى