
بقلم: د. منال فنجان
حياة البشر منذ الخليقة زخرت بمواقف وأفعال وأقوال وحوادث مثلت بطولات وصولات وقيم ومبادئ وافكار ومعتقدات وثورات ، سكن بعضها أو الكثير منها في بطون الكتب لكنه لم يتنفس الحياة من جديد الا بعقول من تصفح تلك الصفحات وهم بأحسن الأحوال يعدون قليلاً من الكم البشري الكثير.
وضاع الكثير من الحقائق بين الإهمال والنسيان وعدم التبنّي و اللااكتراث من جهة وبين التمويه والتزييف والتضليل والكذب المُفتَعل والمُروَّج له بقوة من جهة أخرى.
وفي عصر الإعلام بمختلف صوره المسموع والمقروء والمرئي تنفست الأحداث الحياة بشكل أوسع واضخم بعقول من يريد أن يصنعها من جديد وفق ميولهم ومتبنّياتهم بغض النظر عن أحقية ومصداقية ذلك الحدث انطلاقا من قاعدة خلق الأنماط الجمعية وتوجيه العقول لإراء سبل موجهة من خلال الإعلام وبالذات المرئي منه، الذي لعب دوراً بقلب كل الحقائق بحسب صاحب السلطة فيه ( الإعلام)، حيث عملقت الأقزام وقزمت العظام ونفخت بالهشيم لتستحيله ناراً وحوّلت المجرم إلى بطل والضحية إلى مجرم
والبطل إلى متمرد والمحتل إلى فاتح والمقاوم إلى إرهابي، ليخضع الأعم الاغلب من البشرية لهذه الرؤية مهما بلغ حظه من التحصيل الأكاديمي، فلا ننسى اننا رأينا الحقيقة كما صورها لنا صُنّاع الدراما والأفلام وسلّمنا بها بشكل لا يقبل النزاع شئنا ام أبينا، فطالما رأينا الألمان والروس والفرنسيين وأوروبا بحربيها العالميتين الأولى والثانية بعيون الامريكان فقط لا غير لأنهم صناع الدراما والتي قد تكون مجرد خيال وليس حقيقة لكنها رُسّخت باذهان الناس وشُخّصت بناظرهم، فغابت الحقيقة لأن أصحابها لم يتمسكوا بها وتجاهلوا وجودها. وهذا ديدن الكثير من البلدان بأنها تسعى لخلق بطولات مزيفة وغير حقيقية وتفتخر بإنجازات وهمية بالإعلام والدراما، ونحن في العراق لدينا البطولات الحقيقية التي يعجز الخيال عن تصورها والانجازات التي يفخر بها كل إنسان، فكل بطل من رجالنا هو قصة بحد ذاتها.
هذا الواقع وهذه الحقيقة ستغيب سريعاً إنْ لم يقف عندها ويمجدها ويركز عليها أهلها.
إنْ لم تفتحوا عيونكم على حقيقتكم لتجبروا عيون الآخرين على رؤيتها ستجدون أكاذيب أعدائكم تأكل حقيقتكم، وسيرى أبناؤكم حقيقتكم بعيون أعدائكم.
افتحوا عيون العالم على حقيقتكم قبل أن يعميها الخداع والتضليل.