لكي لا يكون السقوط من شاهق..هذه نصيحتي للأخ مقتدى ابن المرحوم الباشق

بقلم: د. قحطان الخفاجي*
الدين النصيحة، فأرجو ممن يوافقني قبل الذي يخالفني، أن لا ينسى، أن الدين نصيحة. وأن العراق وأهله، فوق المواقف الشخصية و/أوالقناعات أياً كانت. فالعراق يحتاج لأبنائه كافة. والناصح منهم الصالح المصلح يتقدمنا ونسانده. والذي نراه يحتاج النصح، أوالمتكلئ منهم، أو المتردد أو الموهوم أو، أو…. فلكل من هم حق علينا ، وأقل ما لهم من حقٍ علينا، هو النُصح.
ونصيحتي اليوم للأخ مقتدى الصدر، نعم نصيحتي له شخصياً، رغم معرفتي بواقعهِ ، ورغم بعدي عنه. ورغم ما نسمع وما نرى، وما يُثار وما يُقال. فنصيحتي له، طاعة لله وحباً للعراق لا غير.
نصيحتي له لأني أعرف بعض الذين حوله، وأعرف حجم ما يملكون من معرفة. نصيحتي له، لأن ظرف العراق حرج للغاية، فعراقنا اليوم وللأسف الشديد هو على شفا جرفٍ هارٍ ، أسأل الله أن ينقذه منه، ويبعد الشر عنه وعن أهله .
أنصح الأخ مقتدى وأقول له :-
١– طريقُ الانتخابات البرلمانية في العراق، بضوء العملية السياسية العوجاء الطائفية النشاز ألفاشلة الفاسدة و القائمة حالياً، وعبر آلياتها الهجينة وتشريعاتها المشوهة. لهو طريقٌ هلاك العراق ومن يعمل بها.
٢– الرغبة بالمشاركة والطموحات شيء يا سيدي ، والواقع شيءٌ آخر. ويا ليتنا نحسب اللعبه معاً ، بعيداً عن المتقولين والمبالغين، وكالآتي :-
أ- اشتركتم بانتخابات سابقة وكانت حظوظكم الشعبية هي الأوفر، ووجودكم بين القوى السياسية المماثلة لكم طائفياً كان وجوداً متمازجاً إيجابياً.
ب – إشتركتم وكان الشعبُ مؤيداً للعمليةِ السياسيةِ، ومستبشراً بوعودٍ أغدقَ السياسيون بها على الشعب، حتى ظن الناس أن فردوس الأرض ستحل عليهم من خلال صناديق الإقتراع. فهيأ الناس ثياباً من سندس واستبرق نسجوها في خيالهم، واستعاروا الفرح من صبرهم المزمن .
ج – إشتركتم ولكم تحالفات، كالتي كانت مع المالكي، وكانت بعض الجماعات التي انفصلت عنكم لاحقاً، مازالت جزءاً منكم، وقيادتها الفعلية لكم.
د- وحصلتم بإحدى الدورات الانتخابية على عددٍ من “النواب”، كان هو الأكبر مقارنة بما حَصُلت عليه كتلٌ سياسية أخرى.
ه- اشتركتم بدورات إنتخابيةٍ ماضية، وكان الوضعُ المالي للبلدِ منتعشاً، بل كانت إحدى ميزانيات سنيه انفجارية، فاقت ميزانية خمس دول من حولنا.
و – اشتركتم بدورات سابقة، وكانت المراجع الدينية تراقب الوضع وتنتظر، ولم تصف العملية السياسية بعدُ بأنها عملية فاشلة ولم تدعُ لتجنب إعادة إنتخاب الفاشلين وتحذر من عودة المجربين .
إذن يا سيدي الفاضل، مما تقدم يمكن أن نقول؛
سبق وأن اشتركتم بالانتخابات، وكان الشعب يأمل بها خيراً، يمني النفس بإنجازاتِ أصحابها. والعملية السياسية لم تؤكد فشلها الشامل بعد. وما يسمى ب”البيت الشيعي” – أبعدني الله عنه وعن البيوتات الطائفية الأخرى – لم ينهرْ سقفه ومازال يطلق الوعود التي تتلاقفها الناس. والوضع المالي أكثر من الممتاز. وحصلتم على العدد الأكبر من “النواب”، وكتلتكم البرلمانية كانت الأكبر، وبضوء هذه المعطيات دعنا نتساءل :-
١– هل حصلتم على رئاسة مجلس الوزراء ؟
٢ – هل أطلقتم سراح مقاتليكم ممن قاوموا الاحتلال الأمريكي. أم مازالوا يئنون في غياهب سجون المالكي، وليومنا هذا ؟
٣ – ألم يعانِ بعض نوابكم من الضغوطات اللاقانونية واللاشرعية عندما تصدوا لبعض حالات الفساد، ولم تستطع كتلتكم نصرتهم حتى تواروا مجبرين بعد إستقالات مكرهَة أو احتجابات فرضت ذاتها ؟؟ ولنا بالأخت مها الدوري أنموذجاً. وأين ذهبت جهود الأخت الدكتورة ماجدة التميمي، التي سلمت عبد المهدي حقيبتين كبيرتين، ملؤهما ملفات فساد؟!
٤ – ولنكن شجعاناً كما أوصانا والدكم رحمه الله، ولنتساءل؛ هل تمت مساءلة أي ممن قصر من أعضاء كتلتكم؟! أو تم التحقيق مع من أثيرت حوله شبهات؟!
أخي الكريم :
أما اليوم، وحضرتكم عازم على دخول الانتخابات المزمع إجراؤها. عام ٢٠٢١، ولم تخفِ مساعيكم صوب رئاسة مجلس الوزراء، وهذا إنْ كان أمراً طبيعياً بين الراغبين للمشاركة، ولكن دعنا نقيم الأمور بواقعيةٍ وعلميةٍ، بضوءِ ما تقدم، وبضوءِ ما نتابعه كمراقبين ومحللين. ونسأل الله أن يفهمنا من يسمعنا أو يقرأ ما نكتب. نقول؛

١– العملية السياسية العوجاء الطائفية النشاز االفاشلة الفاسدة، قد ثبت فشلها للقاصي والداني. ولم ينكر ذلك حتى رموزها، والمستفيدون منها.
٢ – الشعب عانى الأمرين منها، ومن رموزها وأحزابها وكُتلها. وما زال يعاني. والشعب أيقن أن الفساد سيد الأمر فيها. وأعلن الشعب رفضه للعملية السياسية والانتخابية لعقمهما في إنتاج شيء إيجابي، وأنهما لا تخرجان مما يحكمهما من أنانيةٍ وتبعيةٍ وتزويرٍ وفسادٍ.
٣– ما يسمى ب “البيت الشيعي”، انهار في الحقيقة، بشكل جليٍ بينٍ، وإنْ ادعى أصحابه خلاف ذلك، أو كابروا لغرضٍ ما. وأن التيار الصدري قد خَرجتْ جماعات منه وتحللت عنه، هي الآن تنافسه طائفياً وسياسياً. بل تتخندق متقاطعة معه.
٤ – التناحرات بين القوى السياسية المشاركة قد أصبحت، دموية ومصيرية، وتجاوزت التنافس لتشمل طبيعة الوجود والفعل والتفاعل . لذلك عملية التوافقات لم يعد بالإمكان تمريرها بقادم الأيام كما كانت تُمرّر في السابق عبر مسميات التوافقية وما شابه ذلك.
٥ – المجتمع الدولي، أيقن بلا مشروعية الإنتخابات، وإن حاول أصحابها التمسك بشرعيةٍ شكليةٍ لهم فيها. هذا في وقتٍ قد تلمس المجتمع الدولي حجم تدخلات خارجية على توجهات الكتل السياسية وعمليتهم والإنتخابات .
٦ – العملية السياسية، لم تستطع إجراء تعديلات حقيقية بآلياتها وتشريعاتها، ولم يتم احتواء المظاهر غير الطبيعية المرافقة للعملية السياسية خاصة وأنّ آليات إدارة الدولة، والسلاح المنفلت والمال السحت لها أدوار مختلفة ومتنوعة بإدارة الدولة والانتخابات البرلمانية وهي أدوار تثير المخاوف المختلفة، سواء على القوى السياسية المشاركة، أو على الشعب، أو على المعارضين، بمن فيهم المعارضون العلميون.

٧ – الشعب عموماً، له موقف متقاطع مع العملية السياسية والعاملين فيها. وعملية تكرار الوجوه أضحت أهم تحفظات الشعب بل من أشدّمخاوفه. وان قناعة الشعب برموز العملية السياسية العوجاء الطائفية، باتت قناعة سلبية رافضة لهم ، وأعلن الشعب عن تجاوز حالات عُدتْ بالأمس خطوط حمراء. وقد أيدت المرجعية الدينية قناعات الشعب وخطواته التي تجسدت بثورة تشرين.
٨ – ثورة تشرين كانت من رحم معاناة شعب ووطن، معاناة أوجدتها العملية السياسية العوجاء الطائفية. ومازال الشعب ينوء بمعاناته المختلفة، والوطن في مهب الريح. والقوى السياسية متنعمةٌ هي وعناصرها، على حساب الشعب والوطن.
والثورة أكدت أنها عصيةٌ على من يحاول إحتواءها، أو وأدها.وقد أكدت ذلك بسلميةٍ حقيقيةٍ واضحةٍ جليةٍ ثابتةٍ، رغم استخدام القوة المفرطة ضدها، من قبل جماعات رسمية وغير رسمية.
ومن هذه الحقائق نقول؛ كيف يمكن الحصول على ما تطمحون اليه وتصبون؟! كيف يتم ذلك في وضعٍ يشير لرفضٍ شعبي للعملية السياسية الطائفية العوجاء النشاز االفاشلة الفاسدة، ورفضٍ لرموزها الذين ثبت فشلهم وتزويرهم وهم سبب معاناة الوطن والشعب؟! كيف تأملون فوزاً يؤهلكم لرئاسة مجلس الوزراء، وحجمكم أعتقد اليوم هو أقل مما كان عليه بالأمس؟! ثم كيف تضمنون الثبات، أمام عمليات شراء الذمم من أصحاب المال وهو أسلوب كسب ضعاف النفوس؟! وكيف تعولون أساساً، على عمليةٍ سياسيةٍ فاشلةٍ عقيمةٍ متحجرةٍ، والتي أضحت محل رفض شعبي شامل، وسخرية دولية، أو محل تدخل خارجي؟!
وكيف ستطولون رئاسة مجلس الوزراء، والتجربة أكدت أن الكتل الأكبر هي التي تحت قبة البرلمان وليس الكتلة الأكبر الفائزة بالانتخابات، كما حصل مع علاوي؟! كيف.. وكيف.. وكيف؟!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
“برقية” تنشر هذا المقال برغم اختلاف الرأي.