إبداعثقافة وفنون

بتهمة “شتم الرئيس صدام حسين” حُكمَ بالمؤبّد.. فأصبح دكتوراً!!

 “صباح اللامي…الوفاء وجمال النفس”..تحت هذا العنوان كتب الصديق الأثير والغالي الدكتور محمد الفيحان، مقالاً غمرني فيه بفيض مشاعر ودّه، ونبله، وإحساسه الجميل بمعاني الصداقة، وإشراقاتها. وكان نشره لصورة عمرها ربع قرن”جمعتنا” في القسم السياسي بمبنى الإذاعة والتلفزيون سنة 1985، وتناوله شيئاً من تفاصيل “تهمة” سُجنّ بسببها ظلماً، مثار نقاشات جميلة على صفحته في الفيسبوك، شارك فيها أصدقاء، وزملاء، ومثقفون، وأقرباء للدكتور محمد، فأعربوا عن جميل ما في قلوبهم من تثمين لآيات الوفاء بين الأصدقاء، واغتباطهم بنبل “أبي حسين” د. محمد الفيحان وذكره الطيّب للوفاء، وبما لا أستحق، فما فعلته، كان واجباً حيال الصديق، الذي هو بوصف عقلاء الأمة “أخ لم تلده لك أمك”. لا أريد أنْ أنكأ الجراح، (كانت التهمة شتم الرئيس الأسبق صدام حسين) لكنني لا أريد أن أذكر، إلا أمراً واحداً، وهو أنّ الذي تسبّب في تلك المحنة “اعترف” بحقيقة ما فعله، بعد أنْ كشف لنا “قريب له” أنّ وشايته الملفقة “المضخّمة”، انقلبت عليه وبالاً –بأمر ربّاني لا بفعل إنسان- فضيّع نفسه وأضاع أهليه. وجرت على من شاركه تدبير خيوط الوشاية مصائب مدمّرة، فسبحان الله. غادر محمد السجن بعد صدور عفو عام. وعاد –بعد جهود ووساطات- لمواصلة دراسته في الماجستير بكلية الفنون الجميلة، ثم أكمل الدكتوراه، وبرغم أنه فقد وظيفته الحكومية لسنوات طويلة، إلا أنه حوّل المحنة الى “انتصار” إذ أكمل دراسته بمثابرة  لا نظير لها. وأصبح بالإضافة الى بروزه السابق في الأوساط الصحفية والإعلامية، علماً من أعلام الدراسة الأكاديمية في العراق. التحية له، ولصبره، وعلمه، ومواظبته، واجتهاده. والرحمة لأبيه العظيم الذي وقف وقفة البطولة للدفاع عن حياته إبنه ومصيره. والسلام لعائلته الكريمة التي شاركته المحنة، وصبرت حتى فجر العفو، وعودة “أبي حسين” إلى عائلته.      

بقلم: د. محمد الفيحان

 هذه الصورة بالأسود والأبيض تجمعني بخلي وصاحبي النبيل الأنبل صباح اللامي أحد أعمدة الصحافة العراقية الحرة المعاصرة … زمن الصورة في عام ١٩٨٥ في مبنى الإذاعة والتلفزيون في مكتبي حينما كنت رئيسا للقسم السياسي بإذاعة بغداد ، وكان اللامي أحد الأقلام والعقول الساطعة في البرامج السياسية للإذاعة .

    ولأبي سيف صباح اللامي موقف اخوي وانساني يفيض بالوفاء والإباء والحرية والتضحية والخلق الرفيع معي ومع والدي رحمه الله لا انساه ابدا ما بقيت حيا في هذه الدنيا .

هذا الموقف جسده حينما تم اعتقالي في عام ١٩٨٧ من قبل مديرية الأمن العامة بتهمة التهجم على رئيس النظام السابق من خلال وشاية حاكها نفر من الحاقدين المأجورين ، وحكم عليّ بالسجن المؤبد ومصادرة أموالي المنقولة وغير المنقولة . . الرجل الوحيد الذي وقف إلى جانب قضيتي ودافع عني دفاعا مستميتا لإيجاد مخرج لخلاصي من هذه المحنة الكبرى هو صباح اللامي ووقوفه بكل ما يحمل من عقل وطيبة مع والدي واسرتي لتخفيف قوة الصدمة عليهم .. وقد تعرض أبو سيف إلى المساءلة والملاحقة من قبل أجهزة الأمن آنذاك وتهديده بالاعتقال اذا لم يكف عن متابعة قضيتي واضطر لترك العمل في الإذاعة وبقي على اتصال دائم مع والدي للاطمئنان عليّ وعلى أطفالي بعد صدور الحكم الجائر ..

 هذه مواقف الرجال الرجال الحقيقية التي لا تمحى من الذاكرة مهما تقادم عليها الزمن ، فلم يأبه هذا الرجل للتهديد والوعيد والملاحقة وأصر على النبل والوفاء وترجمة قيم الصداقة الحقه بأروع معانيها السامية رغم التحدي الذي واجهه من قبل عناصر الأمن .

 وحينما خرجت من سجن الأحكام الخاصة في قرار العفو بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية زرته في مكتبه بجريدة العراق وكان سكرتيرا للتحرير آنذاك ، فقد احتفى بيّ احتفاءا كبيرا وأرسل بطلب عشاء مشوي لكل الموجودين بمعيته بالجريدة واخذني معه إلى بيته الكريم ومع أسرته الطيبة ، بقينا جالسين نتبادل أطراف الحديث حتى السابعة صباحا…

الف تحية وتحية لك ابا سيف وانت تمثل رمزا من رموز الوفاء والصداقة والإبداع والمحبة والجمال الحقيقي في النفس البشرية وما أحوجنا إليه اليوم .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى