وداعاً..دكتور مكرّم الطالباني*



كُنّا خمسة بغرفة (3 في 4 أمتار) بسجن بغداد المركزي: مُكرَّم الطالباني، ومدير الخطوط الجوية العراقية، والعقيد عبد النبي قائد قوات المظليين، وصباح خيري شقيق القائد الشيوعي زكي خيري..وأنا الذي كنتُ أصغرهم.
وكانت العادة أننا حين نتناول وجبة الغداء فإنّ غسل صحون الأكل يكون بالتناوب..وكنتُ حين يأتي الدور على مكرّم.. أسرعُ بأخذها لغسلها بدلاً منه لكبر سنّه ولأنني كنتُ أحترمه كثيراً من خلال مناقشاتنا السياسية حول (لماذا لم يستلم الحزب الشيوعي السلطة يوم كان حزب الجماهير في 1959؟).. وقد وثَّقتُ ذلك في كتابنا (مذكرات شيوعي).
كانت آخر مرة ألتقيه..عام 1972 يوم صار وزيراً للري.
الذكر الطيّب للوطني القيادي مكرّم الطالباني.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*وافته المنيّة، وهو في عمرٍ تجاوز “القرن” من السنين. ولقد عُرف السياسي الكردي العريق الدكتور مكرّم الطالباني بالتزامه الوطني، ومرونته السياسية، وصلابته في المواقف الحاسمة. وُلد في محلة (برتکیه) بمدينة كركوك سنة 1923. وأكمل الدراسة الابتدائية والمتوسطة والإعدادية في المدينة نفسها. وسيوارى الثرى في مسقط رأسه.
له مؤلفات سياسية وأدبية وتاريخية. وكان لعب دوراً بارزاً في الحركة التقدمية العراقية، والحركة التحررية الكردية. وتشير المصادر إلى أنه ساهم في تأسيس (حزب الأمل) في القرن الماضي، وارتبط اسمه بمراحل مفصلية من تاريخ المنطقة.