هَوَس “فَبْركَةِ” أخبار وفيّات المشاهير!!…
مع انتشار وسائلِ التواصلِ الاجتماعيّ، وما توفّرُهُ من فوضى النشر، المنضبط وغير المنضبط، شاعت أخبارٌ زائفةٌ عن وفاة أحدِ المشاهير من سياسيّين، أدباء، فنانين، رياضيين، أو علماء دين وغيرهم، وخلال السنوات الأخيرة تم نشرُ أخبارٍ مزيفةٍ عن وفاةِ بعض المشاهير وأذكر منهم:
1- المرحوم مؤيد البدري: الأستاذ والمعلق الرياضي الشهير الذي تعرّض للرصيد الأكبرِ في تكرار الأخبارٍ كاذبةٍ عن وفاته، طيلة فترة مرضه التي استمرت حوالي خمس سنوات، دون أن يراعي المُفَبْرِكون للأخبار الكاذبة، تأثيرها المعنويّ السيء على عائلة الرجل، وأقاربه، وأصدقائهِ!.
2- الشيخ د. أحمد عبيد الكبيسي الذي تكرّر نشرُ خبرِ وفاته خلالَ السنوات الخمس الأخيرة أكثر من خمس مرّات، والرجل ما زال حيّاً اطال الله في عمره. وفي إحدى المرات حصل توهمٌ لدى البعض بسبب وفاة عالم دين عراقي مقيم في السعودية ويُدرّس في جامعة أم القرى في مكة المكرمة اسمه (احمد عبدالرزاق الكبيسي)، وأتذكّر هذا الشخص (كان ضريرا)، إذ سَبَقَ أنْ زاملتُهُ في مدرسة التربية الإسلامية، لكنّه غادر العراق عام 1964 للدراسة في السعودية حيث نال البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في العلوم الشرعية وصار استاذا في جامعة أم القرى، وبرع في مجال تخصّصه، وأتذكر قصة اشتُهرتْ لهذا الرجل قُبَيْلَ مغادرته العراق سنة 1964، يومها كانَ بعدُ طالباً، فتحدّى رئيس الجمهورية عبدالسلام عارف، في أثناءِ إلقائهِ خطاباً في احتفال دينيّ منقولٍ، بشكل مباشرٍ تلفزيونياً من حدائق قاعة الشعب بالباب المعظم، وكان عارف يتطرّق الى الإشتراكية ويصفها بأنّها من الإسلام، متاثراً في ذلك باشتراكية عبدالناصر، مقلِّدَاً إيّاها بقرارات التأميم سنةَ 1964. وفي لحظةِ بثّ الخطاب نفسها، صاحَ الطالبُ أحمد الكبيسي بوجه الرئيس (يا عبدالسلام لا اشتراكية في دين الإسلام) فما كان من عبدالسلام والحدثُ منقولٌ تلفزيونياً الا أنْ عَنّفَ المُتحدِّث بكلمة (انچبْ)، أي إخرسْ!! وبالطبع تم القبض على “الكبيسي الضّرير” من قبل رجال الأمن، لكنّني شاهدتُ هذا الطالب الجريء في صباح اليوم التالي بمنطقتنا العطيفية فسألتُه عمّا جرى له؟..قال: جرى اعتقالي من من رجال الأمن، إلّا أنّهم بعد ساعة أطلقوا سراحي بأمرٍ من الرئيس عارف!! وبعد أسابيع علِمتُ بسفرهِ إلى السعودية لإكمال دراسته. توفي الرجلُ قبل عامين وتوهّم الناس فصنعوا خبر وفاة الشيخ أحمد عبيد الكبيسي المقيم بالامارات والذي يُمارس على كورنيش دُبيْ يومياً رياضته الصباحية.
3-ثمّة قصة شبيهة أخرى حصلت قبل أسبوعين حيث انتشر في وسائل التواصل الإلكتروني خبر كاذب عن وفاة العلامة العراقي الدكتور فاضل صالح السامرائي (وهو لغويٌ بلاغيٌ كبير، صاحب برنامج تلفزيوني شهير، تعرضُهُ قناة الشارقة، يقدِّم فيه لمساتٍ بيانيّة عن التعبير القرآني سجّلتْ حضوراً شعبياً استثنائياً). ولم يكنْ المتوفى إلّا (الشيخ صالح فاضل السامرائي) مدير المركز الاسلامي في اليابان والذي توفي ودفن في جدة بالسعودية.
4- كما تم نشر خبر وفاة الفنان ياس خضر ثلاث مرات قبل ان يختطفه الموت حقيقة.
5-وأشِيعَ خبر وفاة الشاعر العراقي عبدالرزاق عبدالواحد اكثر من مرة قبل أن تتحقق وفاته حقيقة.
6- وقبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي كانت الصحف أيضا تتورط بنشر أخبار غير صحيحة عن وفاة فنانين واتذكر انتشارَ حبر وفاة ام كلثوم قبل وفاتها حقيقة وتم نشر تكذيب للخبر!!!.
7- ومن الأشخاص الذين تم تكذيب خبر وفاتهم، بعد أنْ تداولته وسائل التواصل الاجتماعي كلٌّ مِنْ:
– الرئيس الماليزي مهاتير محمد.
– الدكتور الشيخ المصري عمر عبدالكافي.
– الفنان العراقي حسين نعمة.
– الفنان العراقي عدي عبدالستار.
– الفنان العراقي رعد الناصري.
– الاعلامي اللبناني جورج قرداحي.
– الفنانة اللبنانية فيروز.
– الفنانة اللبنانية صباح.
علما أنّ الشحرورة صباح تُوفيت فجرَ يوم الأربعاء 26 نوفمبر / تشرين الثاني 2014 عن عمر يناهز 87 عاماً وتعتبر جنازتها من أغرب الجنازات في العالم، إذ أنها أوصت قبل موتها بأن لا يحزنوا عليها، وسجّلتْ رغبتها بأن تُشيَّع على أنغامها، وهذا ما تمَّ تنفيذه من قبل الشعب اللبناني وأهلها حيث صخبتْ جنازتها بأغانيها وبموسيقى رقصاتها الشعبية، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون.
وبعد:
مازالتْ ماكنةُ الفبركة الإعلامية وصناعة الإخبار الزائفة وبالأخص أخبار وفيّات المشاهير تنتشر وتذاع.. والناس للأسف تُصدِّق.. وتعيدُ النشر من دون تمحيصٍ ولا تحقيق. ولهذا قالتِ العربُ:
ستُبْدي لكَ الأيّامُ ما كنتَ جاهلاً…ويأتيكَ بالأخبارِ مَنْ لم تُزوِّدِ.