تحليل سياسي

نتنياهو يقيسها على “حزب الله”.. وخامنئي على غرار “حرب صدام”    

     المنطق الذي تحدّث به المواطن الإيراني “علي أفشاري”، الطالب الذي قادَ احتجاجاتٍ ضد نظام خامنئي، فقط بعد يومين من الهجمات الإسرائيلية (لا يجب التضحية باستقلال إيران، بسبب كراهية الجمهورية الإسلامية)…قال ذلك أفشاري، هو المنطق السليم في نطاق المواطنة غير القابلة للتفتّت!!.

     ومع أنَّ نظام إيران، برأي مجلة الإيكونوميست، يُوصف بأنه غالباً “فاسد، مفلس، مكروه من قبل مواطنيه”، لكنّ أحداً لم يقل عنه، أنه “على وشك الانهيار”، لا في تل أبيب، ولا في واشنطن، ولا في أي من العواصم الأوروبية. أما أجماليّ رأي العالم في هذا النظام فهو أنّ “الافتراضي لديه تحدّي المعتدين، لا الاستسلام!”.

    وبصرف النظر عن “الغطرسة الإسرائيلية”، و”دونيّة أساليب نتنياهو” التهديدية، بحرق إيران، ومزاعم التفوّق الجوي الكامل فوق طهران. وبتحقيق مطامع خارطته الجديدة في الشرق الأوسط، فإنّ نسبة غير قليلة من الإيرانيين –بحسب الإيكونوميست- يشعرون بالإذلال، ويأملون بانتفاضة أو انقلاب، مما قد يخلق فوضى، ليس من المستبعد أن تصل بجغرافيا إيران نفسها الى الانهيار، وتعرّض “الوطنية الإيرانية”، مثلما حدث تماماً، لـ”وطنيات” شعوب مجاورة فقدت سيطرتها على أزمّة وحداتها المجتمعية!.

    وفي هذا السياق “نعنى انتشار الفوضى” في إيران، وفي طهران على وجه التحديد، جاءت “صعقة” تغريدة ترامب التي أربكت العالم، والتي ختمها بالقول: “جميع سكان طهران يجب أن يغادروها فوراً”. وكرّرَ في تغريدته ما قاله سابقاً: “يجب على إيران أن توقّع الاتفاق، أبلغتُهم بذلك. إيران لن تتمكن من امتلاك سلاح نووي. لقد قلت ذلك مراراً وتكراراً”!.

    نقول: “ربما يهدّد ترامب باستخدام ما سمّته واشنطن سابقا قنبلة “أم القنابل”، قياساً بوزنها، ودقتها، وحجمها التدميري!!.

    وعقب إصدار ترامب هذه التغريدة التي هي جزء من “الحرب النفسية”، دعا موظفي الأمن القومي الأميركي الى الاجتماع، ملوّحاً في كلام آخر أنَّ ما جعله يغادر اجتماع قمة الدول السبع في كندا، “شيء ما كبير سيحدث”!. حتى ليعتقد المراقبون للتطورات، أنّ ترامب، يريد أنْ يصل بالتهديد إلى “حافة الهاوية” لممارسة المزيد من الضغط على الإيرانيين، بهدف تركيعهم، وإعادتهم إلى سكّة مفاوضات عُمان. ونُقل عن سفير إسرائيل بواشنطن قوله: “توقعوا مفاجأة هذا الأسبوع فيما يخص الهجوم على إيران”!!. لكنّ مساعداً لترامب في البيت الأبيض، أكد القول: “ليس صحيحاً أن الولايات المتحدة ستهاجم إيران”!.

   وفي “الداخل الإيراني”..كيفَ تفكّر القيادة السياسية الِإيرانية؟. إنها تفترض أنّ اغتيالات جنرالاتها وسياسيّيها وخبراء برنامجها النووي، فضلاً عن الحرب الممتدّة برغم خسائرها المدنية الكبيرة، “ستجمِّع الرأي العام الإيراني في بلدٍ شديد الوطنية، مما يتيح للنظام البقاء ومضاعفة جهوده السابقة، لتحقيق وثبات جديدة في سباق القنبلة النووية”!.

    وفي وقتٍ يتحدّث فيه بنيامين نتنياهو عن إمكانية أنْ “يتّحدَ الإيرانيون في انتفاضة تستحضر علم شاه إيران السابق، رمز الملكية الفارسية”!. وكانت قناة إيران انترناشيونال قد بثت من لندن نداء بهذا المضمون، موجهة إياه إلى الإيرانيين. ويبدو أنّ نتنياهو يتبع “المنهج نفسه” الذي استخدمه لتعطيل حزب الله في لبنان، وميليشاته المدعومة من إيران سنة 2024!.  

   على المسار نفسه، تقريباً، يرى القادة الإيرانيون، أنّ فوضى ما بعد ثورة 1979، قبل 45 عاماً، كانت حرب الثماني سنوات مع عراق صدام حسين (1980-1988) قد قوّت –برغم مئات الألوف من الضحايا، والخسائر المادية المذهلة- قيادة البلد، وقبضة الحرس الثوري، الميليشيا السياسية للنظام. إنهم لا يريدون الالتفات بالإطلاق إلى “الفجوة” الكبيرة بين الحاكمين والمحكومين في إيران، بحسب تعبير مجلة الإيكونوميست، التي أشارت إلى أنّ “إسرائيل بهجماتها المذهلة” جعلت قادة إيران يترنّحون، لكنّ المجلة لا تغفل أنّ إيران أيضاً حقّقت “انتقامها الفعلي” بعد يوم ونصف اليوم، امتصت فيها الصدمة، ثم أجهزت على تل أبيب وحيفا وعديد المدن الإسرائيلة، بنحو 400 صاروخ باليستي، ومئات الطائرات المُسيرة التي تركت في العاصمة الإسرائيلية بالذات “مناطق دُمرت بالكامل”، وتشابه رؤيتها تماماً ركام الأحياء السكنية في غزة!.

مقالات ذات صلة