مليارات ترامب..حقيقة أم سراب؟!



كانت الصورةُ الّتي التقطها الرئيس الامريكي “دونالد ترامب” في حفل تنصيبه مع سبعة من أكبر مليارديرات أمريكا، والذين يبلغ مجموع ثرواتهم 900 مليار دولار ، هي الصورة الأكثر إثارةً في الأوساط الأمريكية والتي تشير الى انَّ ترامب انحاز للثروة أكثر من السياسة والحروب في إشارة الى اهتماماته المالية والاقتصادية في مرحلة تولّيه الادارة الامريكية الجديدة .

ويبدو أنّ هذا الاهتمام جعل الكثيرين من الامريكيين ينظرون الى هذه السياسة المالية الجديدة نظرةَ شكٍّ، باحتمال أنْ تكون جزءاً من كسب التعاطف الشعبي، لا أنْ تحقِّق مستقبلاً جديداً للأمريكيين ، وربما تكون هذه الأسلوبية السياسية الجديدة سرابا، بلقعاً، لا حقيقةً .
كانت الصدمةُ الحقيقيةُ تتلخّص بتصريحات “إيلون ماسك” الملياردير المقرب من ترامب وأحد مخططي نهجه المالي ، هي أنّه عندما استبعد تنفيذ مخطط ترامب في تخصيص مبلغ 500 مليار دولار لبناء بنية تحتية للذكاء الاصطناعي ، فبعد يومين من تولّي ترامب ادارة البيت الابيض اعلن هذا الرقم الكبير لبناء تكنلوجيا حديثة ، ليرد ماسك وبعد فترة قصيرة من إعلان ترامب عن المشروع، فكتب على منصة X للتواصل الاجتماعي، يقول: إنهم لا يملكون المال حقا لذلك..
ونقلت شبكة CNN أنّ تعليقات “إيلون ماسك”، هى بمثابة هدمٍ ملحوظٍ لمشروع كبير للبيت الأبيض من قبل شخص من الدائرة الداخلية لترامب.

ويُعدُّ “ماسك” أكبر داعم مالي لترامب حتى الآن منذ حملته الانتخابية في العام 2024، ويرأس حالياً لجنة لتحسين كفاءة الحكومة في البيت الأبيض.
ولم تكن مليارات ترامب مثاراً للجدل في هذه القضية فقط ، فقد وعد بجلب ما يقرب من 500 مليار دولار من السعودية لشراء بضائع أمريكية ، ما أثار جدلاً دفع ببعض المتابعين الأمريكيين الى نشر مقطع فديوي ، يتحدث عن سؤال لصحفية امريكية لوزير الخارجية الاسبق “بومبيو” في عهد ترامب السابق، حين سألته الصحفية عن وعود ترامب في دورته الأولى بجلب اكثر من 110 مليار دولار من السعودية لشراء أسلحة ومعدات أمريكية ، لكنّ أمريكا لم تحصل إلّا على أقل من عشرين مليار دولار من المملكةِ آنذاك حتى نهاية ولاية ترامب الأولى ، وكانت الوعود في أغلبها غير حقيقية .

وتشير مصادر أمريكية بشكل شبه يوميّ إلى أنَّ وعود الرئيس “ترامب” بإدخال تعريفات جمركية شاملة على السلع من شأنها أن ترفع تكلفة الواردات ، وبقدر ما يتعلق الأمر بالعديد من المحللين، فإن خطط ترامب من المرجح أن ترفع الأسعار بدلاً من السيطرة عليها.
من جهة أخرى يعتقد كثيرون من المحللين الامريكيين أنّ الصراع مع الصين لن يكون لصالح ترامب مع إدراك الصين خطورة الوضع الاقتصادي العالمي ووضعها الخطط اللازمة لعدم التراجع، ففي العام الماضي بلغ إجمالي الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة أكثر من 400 مليار دولار، في حين بلغت وارداتها من الولايات المتحدة 130 مليار دولار ، ومن المتوقع أن تشهد رئاسة ترامب الثانية تركيزًا أكبر على الصين ومحاصرتها اقتصاديًا، والعمل على احتوائها عسكريًا من خلال توسيع نطاق التحالفات التي تقف على رأسها أستراليا، الهند، اليابان، ويرى المحللون أنَّ سياسة احتواء الصين ستكون مكلفة لأمريكا وتتطلب مئات المليارات لدعم استراليا والهند واليابان ، مما لا يحقق توازناً ملحوظاً يدفع لتحسين الاقتصاد الامريكي وتحقيق مطالب الشعب التي وعدهم بها “ترامب” .
ومع خطط ترامب لرفع الضرائب على البضائع المستوردة من الصين مثلاً ، وسعيه الى خفض الضرائب في داخل أمريكا ، لم يتضح بعد إلى أي مدى ستجتاز خطة ترامب لخفض الضرائب المراحل التشريعية في الكونغرس والتي ربما لا تتم الموافقة على أغلبها ، وفي الوقت نفسه، فإن سياساته الوقائية وموقفه الصارم تجاه الصين من شأنه أن يرفع التكاليف ويقلل الربحية، ويضر بالشركات المتعددة الجنسيات ، وهو الأمر الذي لا يمنح كامل الثقة بوعود ترامب وتحسين الوضع الاقتصادي الامريكي .
