بعد أكثر من عشرين سنة مرّت على صدورها، اجتذبت صحيفة “الصباح” اليومية التي تصدر في بغداد الزميل الكاتب القدير الدكتور طه جزاع. اختار لزاويته لافتة “ذاكرة”، وكتب عموده الأول (معقولة يا دنيا) عن ذكرى رحيل الفنان المطرِب الكبير ياس خضر، مستذكراً أنه التحق بركب الراحليْن الكبيرين الملحن محمد جواد أموري، والشاعر مظفر النواب، وسمّى جزاع الثلاثة “أضلاع الريل وحمد”، أغنيتهم “الأشهر” في تراث ياس خضر رحم الله، كلماتٍ، لحناً، وأداءً!.
نحتفي بـ”ذاكرة” د. طه جزاع، ونتمنّى له التوفيق، والسؤدد، ولقراء “الصباح” الهناء بأعمدته، لكنّنا نتمنى عليه، تغييرَ تسميةِ عموده إلى “معقولة يا دنيا” ليكتب عن “دنيا اللامعقول”، في العراق، كما كان يكتب “فنتازيا”، عمودِهِ، المقروء، المؤنس في “زوراء” نقابة الصحفيين العراقيين!…صباح اللامي
ذاكرة………معقولة يا دنيا
بقلم: د. طه جزاع
مرَّت مطلع هذا الأسبوع، الأول من أيلول ذكرى رحيل المطرب ياس خضر، وبغيابه قبل عام يكون آخرُ أضلاع مثلث ” الريل وحمد ” قد اِلتحق بركب محمد جواد أموري، ومظفر النواب، وقد انطوت برحيلهم صفحة مشرقة من صفحات اللحن الشَّجيّ، والشعر الغنائيّ العذب، والطرب الأصيل.
كان اللقاء الشخصيّ الأول والأخير معه، خلال حفل تكريم مؤسسة خُطى، قبل بضعة أشهر من وفاته عن خمسة وثمانين عاماً، إذ جمعتنا جلسة على هامش الحفل تعرفت فيها عن كثب على شخصيَّة ياس الإنسان، ونمط تفكيره، وموقفه تجاه بعض الظواهر الاجتماعية الطارئة على مجتمعنا، وقد كان صريحاً ودوداً ومنفتحاً في الحديث، قريباً للنفس إلى الدرجة التي تجعلك تشعر إنكما تعرفان بعضكما منذ سنين طويلة، وقبلها كنا قد انتهينا تواً من التقاط الصورة التذكارية للشخصيات المُكرَّمة من الأدباء والكتاب والفنانين، ومد ذراعيه محتضناً زيد الحلي مستذكراً أصحاب الفضل في خطواته الأولى نحو الإذاعة والجمهور قبل ستين عاماً، ومنهم الحلي الذي كان له موقفٌ طيبٌ في الإصرار على تقديم صوت المطرب الشاب آنذاك إلى مستمعي الإذاعة ليأخذ طريقه إلى عالم الشهرة الواسعة.
ومثل أي شخصيَّة عامة تعرض ياس مراراً لشائعات الموت، وفي واحدة منها اضطر للظهور في فيديو قصير بكامل صحته وأناقته، حيّا فيه جمهوره وشكرهم، وأوضح لهم أنّه تعرض مرات كثيرة لمثل هذه الشائعات التي لا يَعرف سببها، ولماذا تُطلق ضده بالذات، فالموت ليس بيد أحد، إنما بيد رب العالمين .
أخيراً .. لم تكن شائعة هذه المرة … ” معقولة يا دنيا انتهت أيامي .. وأحلامي ضاعت من يديَّ أحلامي “