تحليل سياسي

ما ذنب كادحي الباكستان وفقرائها يتحمّلون وطأة (استهتار العالم)  بتهديدات الاحتباس الحراري؟! 

      برقية: خاص   

      بين ليلة وضحاها، تحوّل ثلثُ مساحة الباكستان إلى أهوار بعد أن غمرتها مياه الفيضانات العارمة!. ووصف تقرير مصوّر نشرته CNN الكارثة التي يواجهها الباكستانيون، بأنها أسوأ ما عرفه تاريخ البلد. وبيّن التقرير أنّ الصور والمشاهد التي التقطتها وكالة الفضاء الأوروبية ESA تؤكد أنّ مياه الفيضانات القاتلة تهدد بخلق كوارث ثانوية، مشيرة إلى النقص الخطير في الغذاء بعد أن غطت المياهُ ملايين الأفدنة، وقضت على مئات الألوف من الماشية. 

      وفي هذه الأثناء، حذّرت وكالات المساعدة من حدوثِ زيادةٍ في الأمراض المعدية، إذ سيتعرض الملايين من سكان الباكستان الفقراء إلى أمراض تنشّطها -حسب الأمم المتحدة – الرياح الموسمية. وكشف تقرير CNN عن موت أكثر من 1100 مواطن بينهم 400 طفل منذ اجتياح الفيضان للقرى والمزارع والمدن منتصف حزيران. لكن السلطات الوطنية الباكستانية الخاصة بمواجهة الكوارث أكدت أنّ الفيضانات هجّرت الملايين من بيوتهم وأحيائهم ومدنهم!. وقالت إن الباكستان التي تعاني في الأساس من اضطرابات اقتصادية وسياسية، وجدت نفسها بغتة مرميةً في متاهات طوفانِ أزمةٍ مناخيةٍ تَسبّب الإنسان في العالم بحدوثها. 

    ولكن ما الذي جعل الفيضانات سيئة للغاية ومدمّرة؟. طبقاً لإدارة الأرصاد الجوية الباكستانية فإنّ الرياح الموسمية عادةً ما تكون مصحوبة بهطول أمطار غزيرة، لكن السنة الحالية كانت الأسوأ منذ أن بدأت في التصاعد مطلع ستينيات القرن الماضي. وقالت إن معدلات أمطار الرياح الموسمية جاءت أثقل من المعتاد بمقدار عشر مراتٍ، فتسبّبت بفيضان نهر الإندوس (السند). ونجمَ عن ذلك نشوء بحيرةٍ طويلةٍ جداً وبعرض عشرات الكيلومترات، كما صوّرتها وكالة الفضاء الأوروبية.

     إنّ على العالم أجمع الإسراع في تقديم المساعدات للشعب الباكستاني الذي تشير التقارير الدولية إلى أن دولته لم تكن السبب في الأزمة المناخية أو الاحتباس الحراري في العالم، إلا بنسبة تقل حتى عن 1%، بينما كانت معدلات هطول الأمطار في مقاطعتي السند وبلوشستان تفوق المعتاد بنسبة 500% اعتباراً من نهاية شهر آب الماضي!. وحسب سلطة مواجهة الكوارث فإن المياه الغزيرة جداً ابتلعت قرى زراعية بكاملها واجتاحت المدن وجرفت المحاصيل الزراعية، ودمرت المباني، وأغرقت كل شيء.

     إن الباكستان (طبقاً لمؤشر مخاطر المناخ العالمي) تحتل المرتبة الثامنة بين الدول التي تتعرض لأزماته ، وهي تدفع ثمناً باهظاً سواء بموجات الحرارة القياسية أو بالفيضانات المدمرة كسائر الدول الواقعة في جنوب آسيا. وكان الأمين العام للأمم المتحدة قد حذّر العالم من أنه يسير نائما لتدمير نفسه!.