ماذا يتبقى لـ”الشعر” إنْ يفسُد أو يتدنّى عن موقفه الأخلاقي؟!
بقلم: طه حامد الشبيب*
قد أكون على خطأ اذ أرى ان الفن عموماً ، والشعر منه، لا ضرورة انسانية له إنْ كان مجرداً من موقف أخلاقي ( ولا أسِمُ الموقفَ بأي صفة أخرى) . والموقف الأخلاقي هنا يحدّده معيار واحد لا ثاني له : هل هناك (فساد) في سلوك الفنان وهو يصوغ المتن الثقافي لمُنجَزه ؟ . فإذا كان المتن الثقافي يتغيّر من حال الى حال على وفق مصلحة ( الفنان) فذلك انما هو الفساد بعينه.. عندها لا ينبغي للمتلقي ان يخلع اي صفة ابداعية على منجزه ذاك . فالصفة الابداعية هي صفة جمالية ، والصفة الجمالية لا تتشكّل جليةً حتى يتعاشق ( المضمون) او ما أسميه ( المتن الثقافي) مع الفن الذي يحمله الى المتلقي . وبوسعك ان ترى مدى الفساد الذي سيصيب الفن اذا تعشّق مع متن ثقافي هو عبارة عن خلاصة الفساد. والامثلة في هذا المقام مُيسّرة في متناول الفاحص وهو يضع نصب عينه سؤال الفحص : هل كان الفنان يتنقًّل بمتنه الثقافي من حال الى حال أم بقي متمسكاً بصوغِ متنٍ ثقافي واحد أوحد . فلو تمسّك بذات الموقف وهو يمدح ( الشمر) مثلاً في حالَين .. الشِمر وهو حي والشمر بعد مقتله .. فلا تدنّيَ يناله، وان كان يمتدح الشِمر نفسه . عندها بإمكان المتلقي ان يخلع عليه كل الألقاب التي تمجد الابداع أيما تمجيد ولا تثريب على خالع تلك الألقاب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*روائي عراقي كبير، له “الأبجدية الأولى”، و”خاصرة الرغيف”، و”مأتم”، و”مواء”، و “الحكاية السادسة”، و”خلوّ”. وصدرت له أكثر من عشرين رواية.. وللصديق العزيز الأستاذ طه حامد الشبيب، مفردةٌ ذات وقع، وجملةٌ مكثفةُ المعنى، وسردٌ آسر، يتماهى مع عمق الفلسفة، وبوح العِرفان، وهو بهذا “الرأي المكثف”، الذي يسرُّ “برقية” نشرَه، يعقّب على مقال أستاذنا المفكر الدكتور جعفر المظفر (الجواهري ما بين الشاعر والانسان)….صباح اللامي