مقالات

لا يا صديقي .. لن تكون “المقابلة” آخر امتحاناتنا الصحافية!!

           بقلم: صباح اللامي

   كتبَ إليّ: (أوقعْتَني في إرباكٍ لم أعرف له شبيهاً أو مثيلاً ، إلا عندما كنتُ طالباً لأكثر من عشرين سنة، فيومَ كنتُ أجدُ نفسي وجهاً لوجه أمام أسئلة الامتحان، تنتابني لأول وهلة رِعشةٌ وَجَلٍ، ثم سرعانَ ما يَهدأ روعي، فأجيبُ عن الأسئلة، واحداً واحداً، وكم كنتُ أعشق كلمة “تَرِكْ”، لإنها تمنحني طوق نجاةٍ من سؤال من الأسئلة!. بصراحة: عندما وصلتني أسئلتُك انتابني شيءٌ من ذلك الخوف القديم، فضحكتُ على عجائب النفس الإنسانية..تحياتي)…

     سرّني بذلك، صديقٌ حبيبٌ، تلقّى أسئلة المقابلة التي خصصتُه بها، ملتمساً مني المزيد من فسحة الأيام، ليحاول العودة من جديد الى “جنّهم الكِتابة” بحسب تعبيره، لاسيما أنّه يعودُ إليها بعد سنين من الترك، سوى (تلويصٍ) يومي هنا وهناك على الفيسبوك أو غيرهِ مما صارَ يُعرف ب (السوشل ميديا) أو التواصل الاجتماعي.

   تعاطفاً مع صديقي نادر الطباع، وخفيف الظل، أرخيتُ له حبل الوقت لكي لا (يُشربتُ إجاباتِه) فأخسر مقابلةً أتوقع لها استثنائية اللغة والمحتوى، كما هي عليه الحال في مقابلات الزملاء الأكفاء د. عبد المطلب محمود العبيدي، والأستاذ زيد الحلي، والأستاذ رباح آل جعفر ، بحسب تسلسل ورودها ونشرها. والحال ذاتها مع مقابلة الزميل الكفء، د. أحمد عبد المجيد ، والتي ستُنشر صباح أربعاء الأسبوع الحالي بتوقيت بغداد.

      ولأنّ موضوعة (الامتحان) شديدة الحساسية بالنسبة لسائر الناس، فأقل ما يقال بحقها أن المرء يُكرم في الامتحان أو يُهان،  رأيتُ أن أنقل لكم، بعضَ ما جرى لشابّة ذكيةٍ، وجميلةٍ التقيتُها، يوم عَيّنْتُها محررة أخبار في صحيفة “المشرق” البغدادية اليومية، التي رأستُ تحريرها لسنواتٍ..قالتْ : (خطيه الصحفيين، امتحاناتهم متخلص).. قلت لها: لا يا ابنتي فالكتابةُ متعةٌ، برغم معاناتها!.. “خطيه”..صدَقتني، اختبرتُها، إنشائياً، بسؤال (وقفةٌ على قبر ظالم!). وكانت قد عرضت عليّ نصوصاً من قصص، كَتَبتْها، فأردّتُ الإستيثاق، لأُحكمَ رأيي بشأنِ تعيينها!.    

    وبعد انتهائها من الإجابة، فاجأتني بثلاث نتائج: كتَبتْ بلغةٍ أسعدتني، ورأيتُ ثمّة أثرٍ لقطرات دموع على بياض الورقة، أما الثالثة، فهي مباغتتها لي بجملة: (ألعن أبو الصحافة).. لمْ أدَعْها تفلتُ من أحبولةِ صاحبة الجلالة، أقنعتُها بجدارة بدايتها، ثم دارت عليها دوائرُ “مهنةِ المتاعبِ” التي شربنا كأس سُمّها الزعاف، ولم نزل أسرى شِباكِها، فبدائِها لا بداءِ غيرها سيُرفعُ أحدُنا يوماً على آلة حدباءَ، ولابد يوماً أن تُردّ الودائعُ!.

   فيا صديقي الجميل لن يكون امتحانُك آخر امتحاناتنا!.

مقالات ذات صلة