“كلُّ نفسٍ ذائقةُ الموت”..ما أفدح أنْ يخسرَ امرؤٌ صديقاً حبيباً كأبي باسم “محمد حسين” رحمه الله..
بقلم: صباح اللامي
كُنّا أصدقاءَ متوسطة وثانوية، افترقنا، ولم نلتقِ إلا بعد أكثر من ربع قرن، وكان لقاءَ سفرٍ من بغداد إلى كركوك، بسيارتهِ الخاصة، ومعنا الصديقان العزيزان د. هاني عاشور، وعلي الشريفي. أنقذنا في تلك السفرة جندياً من حكمٍ كان يمكنُ أنْ يصل الى الموت بسبب هروبه من الجيش، والقبض عليه!.
ثم دارت الأيام ثانية لتبعدَني عنه نحوَ ربع قرنٍ آخر، لم أرَهُ خلالَ سنيّه التي أمضيتها في الهجرة الى كنداً، هارباً بجلدي من العراق، وفيما بعد مهرِّباً أفراد عائلتي “زوجتي وستة أولاد”، بطريقة سبق لأخي الصديق العزيز الدكتور حميد عبدالله أنْ كتب عنها “قصة المشرق” في صفحتها الأولى، بشأنِ وفاتي رسيماً، وعدم قدرتي على “العودة الى الحياة” إلّا بعد سنة من المراجعات، وتلك قصة ثانية!.
قبل أقل من سنتين التقينا في بيتهِ بحيّ العامل، وكنتُ برفقةِ أخي الحبيب، “أبي لبيد”، الدكتور هاني، نسيب صديقي القديم العزيز الذي أكتب عنه الآن..تذكّرنا الأيام الخوالي، وأصدقاءَنا في الدراسة، وبعض ما عشناه.. إلا أنّ ذلك اللقاء وبأقدار الله تعالى كان الأخير!.
ذلك هو “أبو باسم” صديقي الحبيب “محمد حسين”، الذي مرّت “في مثل هذا اليوم الحزين” سنة على رحيله إلى دار البقاء. اللهمّ ارحمْهُ برحمتك الواسعة، وأسكنه جنّاتِ الفردوس، فإنه كان من الطيّبين، طاهرَ القلب، نقيَّ السريرة، وافرَ المروءة، مِعواناً، عَطوفاً، ستوراً، دافئ الصُحبة، لا يعرف الحقدَ ولا الكراهية، ولا شيءَ على لسانهِ إلّا ما هو عطِرٌ، وجميلٌ، وخيرٌ، فيُريح بذلك من حوله، ويستريح لنفسه لكأنّه درويشٌ من الدراويش، المحمّلين برقّة الفؤاد، والتوءدة، والسلام مع النفس والناس.
في مثل هذا اليوم الذي أستذكرُ فيه ما كتبتُه عن صديقي الراحل “أبي باسم” قبل سنة، أعزّي أولاً (نَسيبَهُ) صديقيَ الوفيّ “أبا لبيد” الدكتور هاني، وأتوجّه لابن فقيدنا، الحبيب الصديق “باسم” الذي ظلّ لسنة مضت دؤوباً على الترحّم على والده عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ذاكراً إياه بقلب حزين، ونفس تائِقةٍ إلى ألفة أبيه، وسعادة الجلوس بين يديه. كما أعزّي أولادَه الأحبّة، مروان وعلي وأحمد، وجميع أهليه، ومحبّيه، وذاكري جمال حياته ومناقبه الطيّبة. والحمد لله ربّ العالمين.
ألا ما أفدحَ أنْ يخسرَ المرءُ صديقاً حبيباً الى قلبه!.
“إنّا لله وإنا إليه راجعون”
صباح اللامي