قراءة وثائقية في موقف حزب الإخوان المسلمين في العراق من العدوان الثلاثي على مصر 1956
توطئة لابد منها:
تعد الوثائق الرسمية لشعبة المخابرات السرية في وزارة الداخلية العراقية أهم سِجّل للأحداث اليومية التي وقعت في العراق، فهي تصف الحالة ساعة بساعة، ومع أنّ الوثائق تنبئ بحرص المسؤولين على وصف الوقائع بدقة لمن هم أعلى منهم، لكنها في الوقت ذاته منحازة إلى رأي الحكومة القائمة حينئذٍ، وأحياناً لا تسمّي الأشياء بمسمّياتها بشكل دقيق، بل تطلق عليها الألقاب التي يحلو للمسؤولين سماعَها من مرؤوسيهم، وبرغم ذلك كلّه، هي في الوقت ذاته أقرب لوصف الحقائق من غيرها.
انها – وفقاً لطبيعة ما نعرفه جميعاً عن الأطر الإدارية في بلدنا لا تخلو من تفخيم دور كاتبها والتقليل من شأن الآخر، وهذا ما يمكن تلمّسه في الإضبارة المرقمة 27|72| رقم (1) المعنونة السياسة الداخلية، وموضوعها الاضرابات والمظاهرات في العراق بمناسبة الهجوم الإسرائيلي الفرنسي الانكليزي على مصر سنة 1956.
وجدنا في ثنايا وثائق هذه الاضبارة التي بلغت صفحاتها 406 صفحات، معلوماتٍ قيمةً ودقيقة عن الإضرابات والتظاهرات التي جرت في أنحاءٍ مختلفةٍ من العراق، والقوى والأحزاب والشخصيات التي دعت اليها وقامت بها، ودوافع كل منها. لذا حرصنا ان نستعرضها بالدراسة، والتحليل، والتدقيق، والتمحيص. يختص هذا البحث بموقف حزب الإخوان المسلمين في العراق من العدوان الثلاثي على مصر حصرًا.
يبدو أن الإخوان المسلمين في العراق أصدروا بيانا مقتضباً حول تأميم قناة السويس، لكننا لم نجده في ثنايا هذه الإضبارة، ووجدنا بياناً آخر مطولاً، ونظراً لأن موقف حزب الإخوان المسلمين في العراق كان مناقضاً كما يبدو لمواقف الأحزاب والحركات والنقابات والشخصيات العراقية الأخرى والرأي العام العراقي، لأن بيانهم لم ينظر إلى موضوع التأميم من زاوية حق مصر بذلك، وإنما نظر اليه كردة فعل غير موضوعية أساسها العلاقات بين حكومة عبد الناصر والإخوان المسلمين في مصر.
أثار البيان آنف الذكر لغطاً في الشارع العراقي وفي قواعد الإخوان، الأمر الذي دعا قيادة الحزب إلى إصدار بيان اخر مطول من أربع صفحات وبكلمات وسطور متراصة، قال في بدايته:
” سبق أن أصدرنا بياناً مقتضباً حول تأميم قناة السويس وكان هذا البيان في نظرنا كافياً إلا أن كثرة اللغط حول هذا الموضوع وإعجاب الناس بهذا العمل نظراً لجهلهم وقصر نظرهم مما جرّهم إلى الإعجاب بنفس جمال عبد الناصر مما قد يؤدي ببعض الجدد من الإخوان إلى الإنزلاق في الخطأ ومسايرة هؤلاء الناس مما دعا إلى إصدار هذا البيان الملحق” .
لم يكن البيان اعتيادياً مثل كل بيانات الأحزاب في المناسبات والأحداث التي عادة تصبُّ في توضيح موقف ذلك الحزب أو تلك الحركة من هذا الحدث أو تلك القضية، وإنما كان بياناً مطولاً شرح فيه الحزب مواقف مبدئية وسياسية وربط بين بعضها ربطاً قسرياً، كل ذلك بهدف تبرير موقفه المختلف عن الأحزاب والقوى الأخرى، والمعاكس والمغاير إلى الرأي العام العراقي والعربي من قضية تأميم قناة السويس وتطوراتها ، وكان ذلك الموقف انعكاساً للعلاقة السلبية القائمة ما بين الإخوان في مصر والرئيس جمال عبد الناصر، ولعل قيادة الحزب كانت قد أصيبت بالإحراج من الرأي العام وقواعدها في العراق لذا عمدت إلى مناقشة المواقف والقرارات على أساس أحكام الإسلام وهي بذلك وقعت في تناقض كبير كما موضح في مقدمة البيان التالية:
” إن الأصل في جميع المسائل التي تصادف المسلم فردية كانت ام عامة صادرة من حاكم محكوم كبيرا أو صغيراً يجب ان تقاس بمقاييس الإسلام الصحيح كما هو دون تأثر بعاطفة او رأي خارجي ، أي يكون المسلم وهو يقيس هذه الامور بمقاييس الاسلام كالكيمياوي مختبره يفحص المواد دون تأثير خارجي“.
بهذه المقدمة حكمت قيادة الحزب على نفسها وقواعدها والأحزاب الأخرى بقاعدة أحكامٍ لا تعطي للحزب او الأحزاب الأخرى أو قادة الدول الإسلامية حرية المناورة السياسية واصدرت حكماً قاطعا على الرأي العام وصفته بأنه بعيد عما يريده الإسلام بقولها:
“وليكن معلوماً لدى الأخ أن الرأي العام الحالي بعيد عما يريده الاسلام، بل إن موازين المسلمين انفسهم ونظراتهم إلى الأمور ومقياسهم لما يحدث في الخارج اختل اختلالاً كثيراً، جهلاً منهم أو ضعفاً تبين الحق أو تأثير بأهل الباطل”.
ضرب البيان مثلا في كيفية اختلاف جماعة الإخوان عن الآخرين في حكمها على الأشخاص أو المواقف عندما قارن ذلك بتارك الصلاة فجاء في البيان ما نصه:
” نقول ان الشخص التارك للصلاة يعتبر في نظر الإسلام مجرماً خطيراً ،وفاسقاً، وغلا في الفسق قريباً من الردة ، فالمسلم إذا أراد ان يزن مثل هذا الشخص ظهرت نتيجة الخفة والإجرام والصغار ولو كانت له من الأعمال ما يبهر أبصار الناس“.
ثم أردف البيان قائلا:
“فإن خلاف الإخوان مع غيرهم من الناس خلاف جوهري في مسألة الأساس الذي تقاس به الأعمال والتصرفات فالشخص الذي يخدم بلاده مثلاً ويجلب لها أسباب الرفاه ويحفظها من الأعداء إلا انه لا يحكم بشرع الله نقول مثل هذا الشخص في نظر المسلم من الطواغيت تجب ازالته لا مدحه وتمجيده“.
انها لمفارقه حقا أن يكون الرضا عن الاشخاص لمجرد إسلامهم، وتهمل اعمالهم ومنجزاتهم كيف يكون هذا والشريعة تقوم على العبادات والمعاملات، ولكل ثوابته واحكامه اين هذا الكلام من قول الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) “الدين المعاملة”.
وشدّد البيان على:
” أن الإسلام يذهب إلى أبعد من هذا فينقب عن النوايا والقصود لتظهر دوافع الأعمال فإن كانت خالصة لوجه الله قبلها وأثنى على فاعلها وإن كانت لغيره لم يقبلها وإن كان ظاهرها مشروعاً، فالذي يقاتل رياء مثلا عمله حابط ولا يجوز الثناء عليه ولو ان هذا العمل من حيث الظاهر عمل طيب مشروع“.
لم يحدد الإخوان في العراق كيفية الاطلاع على نوايا الحاكم ان كانت للهِ ام لغيره أم أنهم ارادوا بذلك ان ينصبوا حزبهم حاكما شرعياً له الولاية الفقهية على الناس والحكام، كما ان الاعمال والانجازات التي تقوم بها الحكومات تهدف غالبا إلى تحقيق خدمة عامة للناس، وهي من المعاملات، فكيف تتحقق النية لوجه الله في هذا الأمر، والمقصود بالعمل تحقيق مصالح وطنية عامة؟ بعد هذا اقترب البيان من هدفه وفرّق بين عامة المسلمين والسلطان بقوله:
” لدى الإخوان أن مسؤولية المسلمين تختلف باختلاف مركزه ومنصبه وظروفه فمسؤولية الفرد العادي مثلا غير مسؤولية السلطان… السلطان مسؤول مباشرة عن الظلم الواقع في البلاد“.
بعد هذه المقدمة التي رأى قادة الإخوان ضرورتها قبل أن يخوضوا بمسألة جمال عبد الناصر وتأميم القناة حددوا ما يريدون عمله في مصر بثلاث نقاط:
- توجيه الناس في مصر توجيهاً إسلامياً، وحكمهم بأحكام الإسلام.
- أن تقوم الدولة في مصر على اساس عقيدة الإسلام وبغرض نشره.
- أن يبغي الحاكمون من وراء اعمالهم السالفة الذكر وجه الله تعالى وأن يكونوا هم أنفسهم قائمين بحدود جاعلين أنفسهم القدوة الحسنة في التمسك بها.
أراد الإخوان المسلمون في العراق بما تقدم سلب الشرعية عن جمال عبد الناصر وحكومته كي يحكموا على كل الأعمال التي قامت بها ثورة 1952 المصرية بعدم الشرعية لأنها لم تكن لوجه الله، بل لأغراض اخرى وهذا ما صرح به البيان بشكل واضح بقوله:
” الملاحظ في مصر الآن وما يجري فيها لا يجد ما نريده … فالناس لا يُوجَّهون توجيهاً إسلاميا كما يريده الإسلام … فهي دولة اقصى ما يطمح لـه حاكموها أن تكون من الدول القومية … وإن دولة مصر ليست بالدولة الإسلامية الصحيحة وأن حاكميها لم يحاولوا حتى الآن بنيانها على هذا الأساس فهم اذن مقصرون غاية التقصير وعلى رأسهم البكباشي جمال عبد الناصر… ومعنى هذا أنه فاقد الأيمان وعلى الأقل عاصي عصيانًا كبيرًا”.
أراد البيان بذلك القول ان طاعة عبد الناصر غير واجبة، بل مخالفته اوجب على اساس ان الطاعة الله ورسوله وأولي الأمر، فهو ليس من الإخوان ولذا فطاعته او نصرته غير واجبه، بل مقاومته اوجب بعد ان حكم عليه اخوان العراق بفقدان الايمان والعصيان الكبير.
لم يكتف البيان بهذا القدر، بل انتقل إلى التبرير والتعليل، وربط المقدمات بالنتائج فبدأ بالهجوم على اساس الأخبار الواردة إلى محرري البيان الذي جاء فيه:
” إن الأخبار وافت بأن المحفل الماسوني في مصر قرر انتخابه رئيسًا فخرياً على الماسونية الحرة في مصر والبلاد العربية، وإن وفدا ماسونياً سيقدم له ميدالية ذهبية مرصعة بالأحجار الكريمة”
وعلى الرغم من أنها مجرد أخبار رأينا الإخوان في العراق قد بنوا عليها وساقوها للقارئ كما لو كانت حقيقة مسلماً بها وبعد هذا اخذوا على عبد الناصر ملاحقته للإخوان المسلمين في مصر، إذ جاء في البيان:
” وإلى جانب هذا يعذب أولياء الله ويقرب العصاة من عباد الله ، وليس ما فعله بالإخوان المسلمين عنه ببعيد… ومن جميع ما تقدم إن جمال عبـد الناصر ليس بالحاكم المرضي في نظر الإسلام وإن الرضا عنه رضا ببقاء المعاصي وشيوعها”
انتقل البيان بعد هذا التقديم والحكم المسبق إلى موضوع التأميم وهو لبُّ المشكلة، ولم يستطع الحزب في بيانه الفصلَ بين معركة التأميم باعتبارها جزءاً من عملية التحرر الوطني وموقف الإخوان من عبد الناصر فنراه يقول:
” إن التأميم بغض النظر عن فاعله أمر حسن وجميل كما بينا سابقاً في بياننا الأول، ولما كانت الأعمال لا يمكن فصلها عن فاعلها، فنقول إن هذا التأميم قد يؤدي إلى تقوية مركز جمال وهو مضر لقصور الرأي العام في العالم الإسلامي وعدم تفهمه للإسلام، وتقوية مركز جمال يعني أن سلطته تزداد فيستطيع ان يستمر في غيه وحكمه وإبقاء الأوضاع المخالفة للإسلام وفي هذا ضرر بليغ للدعوة الإسلامية وتأثير للإقامة الدولة الإسلامية الصحيحة، هذا من جهة ومن جهة اخرى فإن عمله هذا وأمثاله يلقي سحبا كثيفة على اجرامه وعصيانه فيغتر به الناس، ومعظمهم يجهل احكام الإسلام، فينساق هذا الجمهور الكبيـر مـن المسلمين للإسلام وراء هذا الطاغية غروراً منهم به وجهلاً بحقيقته”.
تابع البيان فيما تبقى منه الإجابة على تساؤلات قاعدة الإخوان وجمهورهم في موضوع عبد الناصر وتأميم القناة وموقف اخوان العراق منه، وصاغها على شكل تساؤلات وردود منها أن الشارع العراقي أعجب بجرأة عبد الناصر باتخاذ قرار التأميم ومواجهة دول كبرى، وان هذه الجرأة تستحق التقدير والاحترام، فرد الحزب على ذلك بالقول:
” ولكن ليس له جرأة في اعلان احكام الإسلام وتطبيقها”
وردًا على أعجاب الجماهير العراقية بالإجراءات السياسية والاقتصادية التي اتخذها عبد الناصر ومنها انهاء الوجود العسكري الاجنبي على الاراضي المصرية، واتخاذ اجراءات اقتصاديه لصالح الطبقات الفقيرة قال البيان:
” إذا كان مرد الإعجاب بجمال انه طهر بلاده من الجند واستولى على مرافق الدولة، وأشبع شعبه إن كان شعبه شبعاناً حقاً نقول إن كان الإعجاب بجمال لهذه الأمور فالتعجب إذن بغيره من الحاكمين غير المسلمين مثل نهرو وتشرشل وأمثالهما من الطواغيت، فإن قيل لنا أولئك الحكام من غير العرب ضحكنا عليهم لإن الإعجاب هنا للأعمال لا للجنس فضلاً عن بطلان الجنس أساساً للتقدير، وإن قيل لنا أولئك كفار وجمال مسلم قلنا لهم المسلم هو من يعمل للإسلام وبالإسلام ويعترف له بهذا الوصف فلنزنه بميزان الإسلام”.
من المؤسف حقا ان يسيء البيان إلى قادة دول بارزين يحظون بتقدير شعوبهم ويصفهم بالطواغيت، ولا ندري كيف اجاز الإخوان لأنفسهم ان يصفوا قادة جاءوا إلى الحكم بأساليب ديمقراطية، وانتخابات عامة، لا يمكن الطعن بها، وهي غير متوفرة، حينئذ في العراق وداخل حزب الإخوان المسلمين.
انتقل البيان للإجابة على التساؤلات الأخرى المتداولة بين الإخوان أنفسهم والشارع العراقي، فقال:
” يدعي البعض ان جمالا خصم عنيد للاستعمار، وقد يكون هذا صحيحاً بالنسبة للاستعمار الأرضي المتمثل بوجود الجند الأجنبي على ارض مصر، ولكنه ليس بالخصم للاستعمار الروحي والعقلي والثقافي، ولو كان خصما لمثل هذا الاستعمار لتطبيق المناهج الإسلامية في التعليم والقوانين الإسلامية في الحكم والمثل الاسلامية في التوجيه والتربية أي لتطبيق الإسلام، ولهذا فهو من هذه الناحية رديف الاستعمار لإن المستعمرين يحبون شخصاً يعتنق ثقافتهم”.
ان الإخوان في العراق ونتيجة لموقفهم غير الصحيح من موضوع تأميم القناة وقعوا في فخ ما كان بإمكانهم الخروج منه، لذا رأيناهم يتخبطون بمنطق ذرائعي تبريري، وخلطوا بين مواقف عبد الناصر المناهضة للاستعمار والصهيونية ووجهة نظرهم في التعليم، ولأنهم مثل اي حزب شمولي ارادوا فرض فلسفتهم في التعليم والقوانين، ولم يستطيعوا التميز بين موقفين، او انهم على الاقل انساقوا وراء مواقف حزبية ضيقه فخسروا المنطق فضلا عن الموقف السياسي المتميز والموضوعي.
استمر البيان في الدفاع عن موقف الإخوان في العراق من عبد الناصر فعرض نقدا لسياسته الخارجية بالقول:
“فجمال في نهجه السياسي الخارجي لا يتقيد بما يأمر به الإسلام فهو يوالي نهرو الهندوسي، بـل يذهب إلى ابعد من هذا إلى حد اغضاء الطرف عن مظالم الهندوسيين شعب نهرو في بلد اسلامي مثل كشمير”.
ويتحول البيان إلى توجيه الاتهام إلى عبد الناصر بالدكتاتورية والتخاذل في مواقف مصرية وعربية بالقول:
” لقد جبن الدكتاتور المستأسد على شعبه عن مواجهة الاعتداءات اليهودية المتكررة على قطاع غزة ومذبحة الصبحة، وقتل اليهود ملحقه العسكري في الأردن، وقائد قواته في غزة ، لأنه جمع الجيش في عاصمته لحماية حكمه، والدعاية الشخصية والتصفيق له في الشوارع، وذلك الموقف المائع الذي وقفه من قضية الجزائر. وبأنه لا يقاطع فرنسا من اجل الجزائر لأن لـه مصالح ثقافية واقتصادية معها”.
أغفل البيان في الفقرة أعلاه حقيقة ان الحاكم الضعيف غير المؤيد من شعبه يخشى من الانقلاب عليه، واداة الانقلاب هي الجيوش، لذا غالبا مثل هكذا حاكم يبعد القوات المسلحة عن عاصمة حكمه، ويشغلها في اعمال او معارك جانبية او رئيسية ويضعها تحت المراقبة لا أن يجمعها في عاصمته.
وأخيرا تقول خاتمة البيان:
“لو ان جمالًا عاد إلى ما يأمر به الإسلام لكنا أول السائرين بركابه لأنه لا غرض لنا معه ولا نحمل معه عصبية جاهلية فالإسلام يجب ما قبله”
إن الملاحظة العامة على البيان أنه تبريري يدافع عن موقف خاطئ وقفه الإخوان في العراق من قضية التأميم، وهو انتصار لحزب الإخوان المسلمين في مصر فحسب، واغفل البيان بشكل واضح حركة التحرر الجديدة التي قادها عبد الناصر تلك الحركة التي اصطدمت بالوجود العسكري والاقتصادي البريطاني والفرنسي في مصر، وما قضية قناة السويس إلا احدى ابرز مظاهر النفوذ الغربي في مصر، وكان حرياً بالإخوان المسلمين في العراق ان يتضامنوا مع عبدا الناصر في موضوع السويس وصراعه مع فرنسا وبريطانيا واسرائيل، ويمكن لهم أن يحتفظوا في الوقت ذاته بحقهم في نقده أو يعيبوا عليه ما فعله بأشقائهم الإخوان المسلمين في مصـر.
لقد ظهر حزب الإخوان المسلمين في العراق مغردًا خارج السرب وسابحًا ضد التيار الأمر الذي أثر على قاعدته فكان هذا البيان المطول والذي بالتأكيد لم يغير من القناعات والمواقف المؤيدة لمصر في الشارع العراقي الأمر الذي تلمسناه في حركة الاضطرابات والتظاهرات التي عمت مدن العراق المختلفة.