مقالات

(قدري قاد بقرنا)*…و”ممارسة الدسِّ الصحفيّ” بطريقة التنفسّ تحتَ الماء!!  

     إلى متى يبقى (المسؤولُ) الذي يُختارُ لهذهِ المهمةِ أو تلك ضعيفاً، مسلوبَ الإرادة، يخافُ حاشيةَ مَنْ فَوْقَهُ، فيتصرّفُ كعبدٍ مشدودٍ إلى أصفادِ كرسيّهِ وامتيازاتهِ؟!.

     إذا قيلَ له: قلْ كلمَتك!.. رأيتَهُ متردّدَ الجواب باحثاً عن ذرائع تحفظُ له ماء (الوجهِ!!) لكنّها تُسقطهُ في برِكة توسّل (البقاء) حتّى لا يَغضبَ فلانٌ، ولا يزعلَ عِلّانٌ، ولا يتململَ فِلْتانٌ مع أنّهم جميعاً من هُمْ لا في العِيرِ ولا في النفير!.

   وهذا (المسؤولُ) الذي قد يكون على رأس عشرةٍ أو مائةٍ أو ألفٍ أو ألوفٍ من البشر، قد تصل به جهالتُهُ وقزامتُه إلى مستوى الإساءة لـ(كرسي المنصب) مع أنّه من خشبٍ أو من حديدٍ يكلّف ولا يشرّف!.

    ولو أنّنا انطلقنا من ضرورة أن يتولّى شؤونَ الناس -في أيّما زاوية من زوايا حياتهم- إنسانٌ، أكانَ رجلاً أم امرأة، له قدراتُ (النفوذ) لا (التوسّل) وله طاقة (الفعل) لا (الانفعال)، وله صفة (قدري الذي قاد بقرنا) في القراءة الخلدونية..أقول لو أننا انطلقنا من (الضرورة) هذه لجنّبنا الناس كثيراً من المشاكل والأزمات و الاختلالات ولكان المسؤول كما يُرادُ له أنْ يكون قويَّ الرأي، حاسماً، عليماً بشؤونهِ، متدرّعاً بفنون عمله، ولكان أيضاً عوناً حقيقيّاً لِمَنْ فوقَهُ صعوداً إلى أعلى السُلّم!.

   إنّ ظاهرة “المسؤولين الضِعاف”، باتت مستشريةً كالوباءِ في دوائرنا من دون استثناءٍ، وهؤلاءِ وصلوا إلى ما وصلوا إليه بمزيدٍ من الانحناءاتِ و(التوسّطاتِ) و (القشمريات).. ولقد أصبحت لدى بعض المسؤولين فلسفة في أسس اختيار (حَبْربَشيّتهم) من (الفارغين) كأيّ (بوش) لا لشيء إلا ليطبّقوا نظرية ماكيافيللي الشهيرة (الأعور في بلدِ العميان ملك)!!.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نُشر المقال (بنصّهِ ومن دون أي تغيير)، بتاريخ 7-آذار-1997 في صحيفة “المستقبل” التي رأستُ تحريرها. ولعلّ من أحلى ما تُسفرُ عنه ممارسةُ “الدسّ الصحفي” أنْ يتنفّس الكاتب المضغوط على أفكارِه، تحتَ الماء، ليشحنَ (مقاله) ولو بسطرٍ واحدٍ يُعدُّ بيت القصيد، طبقاً للنظرية الشعرية.   

مقالات ذات صلة