تحليل سياسي

في إطار “حرب المصطلحات والخرائط”..الشرق الأوسط..ماذا بعد؟!

قناع آخر يسقط عن وجه مصطلح ( الشرق الاوسط ) ، ليظهر بصورته الجديدة مختلفاً عن كلِّ ما تردد في الذاكرة السياسية العالمية منذ عقود من زمن ، الوجه الجديد لخّصه رئيس حكومة الكيان الصهيوني نتنياهو حين قال يوم الأحد الماضي بعد تقدم قواته في سوريا ،  ( قبل عام قلت إننا سنغير الشرق الأوسط ونحن نغيره بالفعل) ، فيما اطلق نتنياهو على عمليته العسكرية لاحتلال القنيطرة ومدن اخرى و(جبل الشيخ )  في سوريا ، بعملية ( الشرق الجديد ) ، مزامنا مقولته واسم عمليته بالخريطة التي عرضها في الامم المتحدة خاطّا بقلمه دائرة محيطة بدول عربية مثل ( مصر ، العراق ، السعودية ، سوريا ، الاردن ، لبنان ) .

    لم يكن مصطلح ( الشرق الاوسط ) الذي ظهر فعلياً في عالم ( الجيو سياسي) عام 1957 بعد العدوان الثلاثي على مصر فيما سميّ بحرب السويس ، يعني هذه الخارطة الجديدة لنتنياهو  ، بل كان المصطلح إنتاجاً أوربياً بريطانياً حين ذاك ، وكان يشمل افغانستان وبعض دول الاتحاد السوفيتي السابق وباكستان وغيرها ، لكنه تغير فعلياً بعد حرب تشرين 1973 ، ليتحول الى مساحة أقل ، ويشمل (ايران ، تركيا ، العراق ، سوريا ، الاردن، فلسطين ، لبنان ، مصر ، الخليج العربي ) فيما تم إلحاق الدول العربية على ضفاف البحر الأبيض المتوسط في شمال افريقيا والسودان بهذا المصطلح الذي أصبح يعني تصوراً آخر لدى امريكا و أوربا والكيان الصهيوني .

 كانت الصورة الجديدة لما سميّ بالشرق الاوسط الجديد تجمع مشهدين مهمين ، الأول هو الشعوب المسلمة في المنطقة او ما نطلق عليه في أدبياتنا ( الأمة الاسلامية ) او ( الأمة العربية) ، وذلك ما برز بوضوح في كتاب الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريز عام 1993 ، ( الشرق الاوسط الجديد ) الذي كان يتحدث فيه عن مستقبل الكيان الصهيوني في المنطقة ، ثم تلاه كتاب نتنياهو  الذي أصدره عام 1996 بعنوان: «مكان بين الأمم: إسرائيل والعالم». قدم فيه وبالتفصيل آراءه في عملية السلام، الجولان، القدس، الدولة الفلسطينية، الضفة الغربية، غور الأردن، اللاجئين، حدود 67 وغيرها من المسائل الأخرى.

وفي كتابه الذي يحمل ( مكان تحت الشمس ) الذي اصدره في بداية التسعينيات يقول نتنياهو (” إنه لا يمكن لإسرائيل تحقيق الأمن في الشرق الأوسط إلا عبر قوة الردع المعتمدة على قوة الحسم ، مؤكداً أن القوة هي التي أجبرت الدول العربية على توقيع معاهدات سلام مع إسرائيل وليس الرغبة بالسلام)، ويؤكد على ما أطلق عليه “الإرهاب العربي” الذي يستشري في العالم، مرجعا ( أغلب العنف والقتل المنتشرين في العالم للقومية العربية والأصولية الإسلامية).

    ويرى “نتينياهو” أن الخطر الحقيقي الذي يهدد وجود إسرائيل يتمثل في إيران، إذ يستحضر رعبه من امتلاك إيران للسلاح النووي في عدة مواضع، خاصة في ظل حكم إسلامي راديكالي، معتبراً اكتمال الحالة ونجاحها يشكل تغييراً عميقا في موازين القوى في المنطقة لصالح إيران.

من كل هذا فإن مفهوما جديدا يطلقه نتنياهو بـ ( الشرق الاوسط الجديد) وهو يعلن عمليته العسكرية في سوريا تحت عنوان ( الشرق الجديد ) التي يمكن ان تتمدد لتشمل سوريا ودولاً أخرى ، وهو ما يثير قلق الدول العربية والاسلامية في المنطقة ، ويجعل الواقع السوري اليوم أكثر رعباً مما عرفه العرب والعالم .

مقالات ذات صلة