فوزية الشندي..امرأة بـ”كاريزما” زنبقة!
بقلم: صباح اللامي
تتألّق بشيخوختك، وأنتَ تتحدث إلى “زنبقة” على مقربة من السبعين..تنسى أخاديدَ الزمن على وجهها “الحلو”، المضيء، المعطَّرِ بتواضعها، ورقتها، وأناقة روحها، وهندام “جبلّتها العذبة” المختبئة داخل كل كلمة تتدفّق من شفتيها بعفوية، أو كل عبارة تطلقُها بعد أناةٍ وتفكير وتوءدة، أشبه بتلك التي يتأنّقُ بها الحكماء!.
فوزية الشندي، الفنانة الكبيرة، وذات القامة الفنيّة الباسقة التي ابتدأ بها قسمُ الفنون المسرحية في معهد الفنون الجميلة ببغداد سنة 1964، كأوّل طالبة تحصل على البكالوريوس في أكاديمية الفنون الجميلة، وأوّل طالبة تنالُ درجة الماجستير في “فن الإخراج المسرحي”، هي الآن –وبعد عشرات الأعمال المسرحية والتلفزيونية وشخصيتها الرئيسة في مدينة القواعد- تقتربُ من السبعين، لكنّها “فتاةٌ مكثّفة الجمال” بلون زنبقة، وبعطرها، وبروحها، وبأناقة لا تتأتّى إلا لمن أوتي روحاً قادرة على التجدّد في كل لحظة!.
تتحدّثُ إليها فتنسى أنّها جاءت إلى الدنيا في السادس من كانون الثاني 1946. تُجبركَ على “الإفادة الجمّة” من حيويتها الهادئة آناً، والمتفجّرة آناً، حتى لكأنّك بإزاءِ بنتٍ في السادسة عشرة، تحارُ في كيفية محاورتها لتكون وإيّاها في مناخ نفسي واحد.
أكرمتني امس الثلاثاء السابع عشر من شباط، بزيارة إلى مكتبي في “الغد”، هي والسيدة وداد الأعرجي، صديقتها الحميمة، وكان دليلهما إليَّ صديقي الروحي الدكتور يحيى البكاء “بوزتيف عزرائيل” أي أنّه مجمّع المتفرّقين، وهو زوج صديقتها الكاتبة الصحفية والفنانة التشكيلية، الزميلة ذكرى الموسوي التي سبق لها أنْ أجرت معها حواراً موسّعاً في العاصمة البريطانية “لندن” نشرته “الغد” قبل شهور طويلة.
“أم هند” تتحدّثُ عن الأستاذ والفنان الكبير المبدع “فيصل الياسري” وكأنّه ابنها لا زوج ابنتها. وتتحدّث عن فنانين كبار حتى لكأنهم “آباؤها”، وتتحدّث عنّا لكأنّنا “قطع جواهر” بيديها!. وأذكرُ أنّها أوصتني أمسِ بعد السلام عليها، لتتوجّه إلى اتحاد الأدباء حيث يُجرى حفل تكريمها، قائلة: “دير بالك على نفسك حبيبي”.
تلك هي أخلاقُ “الزنبقة”، توزّع عطرها حيثما كانت، ومع من كانت، ومع من تحدّثت، لا تبخل إلا بما يعكّر الصفو، أو يشلّ البدن أو “يزوهر” النفس.
امرأة بوزن “فوزية الشندي” يستقبلها الملوك، وتُفرش لها السجّادة الحمراء، وينحني لها الرجالُ، لا احتراماً وتقديراً تستحقهما استحقاقاً كبيراً على ما أعطت من رقيّ فن وأدب وعطاءٍ إعلاميٍّ، إنّما لأنّها امرأة بـ “كاريزما زنبقة”!.