الوطن العربي

غزة إرادة لم تنحن لغاصب

بقلم: أحمد صبري*

 عند كُلِّ محاولة لصفقةٍ سياسيَّة بَيْنَ حركة حماس والكيان الصهيوني يضع رئيس الحكومة (بنيامين نتن ياهو) شروطًا جديدة هدفها إفشال أيِّ جهدٍ حقيقي لوقفِ العدوان الصهيوني على الشَّعب الفلسطيني في غزَّة.

وعلى الرّغم من وصف أكثر من طرفٍ المفاوضات الحاليَّة بشأن صفقة تبادل الأسرَى بأنَّها «الفرصة الأخيرة لأنَّ مقترح حماس للهدنة لا يُلبِّي المطالب الأساسيَّة «الإسرائيليَّة» كما يراها «نتن ياهو» وسط موقف أميركي متراخٍ وغير جدِّي لإتمام صفقة التَّبادل؛ على الرّغم من أنَّ وزير الخارجيَّة الأميركي أنتوني بلينكن زار «إسرائيل» والمنطقة العربيَّة تسع مرَّات من دُونِ وقف العدوان وممارسة الضَّغط الحقيقي على قادة الكيان الصهيوني، لا سِيَّما على «نتن ياهو» الَّذي تحوَّل إلى حجر عثرة على طريق وقف الحرب.

وباتَ واضحًا ولا يقبل الشَّك أنَّ غياب موقفٍ أميركي واضح وجدِّي هو مَن يشجِّع قادة «إسرائيل» على رفضِ أيِّ مقترح لوضعِ نهايةٍ للحرب على غزَّة. والدَّليل على ما ذهبْنَا إِلَيْه هو الفشل في إبرام أيِّ اتِّفاق رغم المرونة في موقف حماس خلال مسار المفاوضات بَيْنَ الأطراف المعنيَّة بالصِّراع، وأنَّ مناورة حكومة «نتن ياهو» تضع الإدارة الأميركيَّة أمام استحقاق واضح، إثبات عدم جدِّيَّتها ومصداقيَّتها في إلزام «نتن ياهو» بإبرام الصَّفقة، والمفارقة في موقف رئيس الحكومة «الإسرائيليَّة» الحديث عن رفح، الَّذي وصفَ دخول قوَّات الاحتلال إلى رفح بأنَّه خطوة مهِمَّة جدًّا، وأنَّ الجيش في طريقه للقضاء على الكتائب الأربع لحماس هناك، وأنَّ «دخول رفح يخدم هدفَيْنِ رئيسَيْنِ من أهداف الحرب هما عودة مختطفينا والقضاء على حماس» على حدِّ قول قادة جيش الاحتلال.

وهذا الموقف يخالف ما يجري على أرض غزَّة الَّتي تقاوم ببسالة وشجاعة رغم أنَّ آلة العدوان على شَعبها مستمرَّة منذُ تسعة أشْهُر من دُونِ أن يدركَ أنَّه لم يتمَّ القضاء على حماس ولم يَعُدِ الأسرَى كما يزعم «نتن ياهو».

لقد آن الأوان لِبَلْوَرة موقفٍ دولي شجاع لوقفِ العدوان على غزَّة ونجدةِ شَعبها الَّذي يتعرض لحرب الإبادة الجماعيَّة، وحرب التَّجويع واللُّجوء القسري الَّذي أوقع أفدح الخسائر بالأرواح والمعدَّات.. وحتَّى يأخذَ هذا الموقف مداه إزاء ما يجري في غزَّة يتطلب كشف الطرف الَّذي يُعرقل ويُفشل أيَّ جهدٍ لوقف نزيف الدَّم الفلسطيني، ويرفض تنفيذ قرارات المُجتمع الدولي وارادته الحرة لوقف العربدة الأميركيَّة الَّتي ترفض قرارات الشَّرعيَّة الدّوليَّة.

إنَّ على الإدارة الأميركيَّة أن تُدرِكَ أنَّ وقوفَها وتضامُنَها مع الكيان الصهيوني في حربِه على شَعب فلسطين وحقوقه المشروعة لن ينالَ من إرادته الحُرَّة في إقامة دَولته المُستقلَّة وعاصمتها القدس الشريف، وما يجري في غزَّة من صمود أسطوري وتمسُّك بالحقوق الدَّليل على أنَّ إرادة شَعب الجبَّارين ـ كما كان يصفه الشَّهيد ياسر عرفات ـ سيُفشل كُلَّ محاولات التَّركيع والقتل والتَّهجير والاغتيال. ومسار القضيَّة الفلسطينيَّة منذُ اغتصاب فلسطين عام 1948 وحتَّى الآن مُعبَّد بالدَّم والتَّضحيات والتمسُّك بالحقوق المشروعة الَّتي لم تستطعْ آلةُ الحربِ العدوانيَّة أن تقفَ حائلًا من خيار المقاومة الفلسطينيَّة الَّتي تُسطِّر ملاحم بطوليَّة على أرض فلسطين كُلِّ فلسطين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*أحمد صبري، كاتب، وصحافي عراقي رائد.

a_ahmed213@yahoo.com

مقالات ذات صلة