منذ وقت مبكر من حياتي، في أواسط الخمسينات وحين اختار لي المرحوم والدي الالتحاق بمدرسة التربية الاسلامية الابتدائية ثم المتوسطة (بالكرخ) وتعلَّمتُ على يد خيرةِ الأساتذة المربّين، على رأس هذه المنظومة التربوية الأخلاقية كان الاستاذ عبدالوهاب السامرائي، سمعت من الشيخ عبدالعزيز البدري وانا في الابتدائية، أنّه (لا يُحبّذ) إطلاق لقب او تسمية (الحجّي او الحاج) على من أدى فريضة الحج، لأنّ الحج ركن وفريضة مثل فريضة الصلاة والزكاة. فلا يجوز أن نُطلق لقب (المُصلّي) او (المُزَكّي) على من يؤدي فرائض الصلاة والزكاة، وكذا الحج.
ومن نِعَم الله عليَّ أن أعانني على تحقيق أملي بحج بيت الله الحرام فور تخرجي من كلية الشرطة ١٩٦٩، ولثلاث مرات في الأولى اصطحبت معي المرحومة والدتي وفي الحجة الثانية اصطحبت معي المرحوم والدي، وفي الثالثة اصطحبت زوجتي، وكلُّ تلك الحِجَجُ تمّتْ خلال أقل من عشر سنوات.
ولكن الناس من أهلٍ واقاربَ وأصدقاءٍ وزملاءِ عملٍ، أعتادوا أن يطلقوا عليَّ لقب (الحجي) منذ عام ١٩٧٠ وللآن، رغماً عني، ورغم اني مقتنع بما قاله لي مبكرا الشيخ البدري (يرحمه الله). حتى اقترن لفظ (الحاج) باسمي رغماً عني.
ومن طريف ما أتذكره أنني حين تقدمت بطلب إجازة للسفر لأداء فريضة الحج وكنتُ بعمر (٢١) عاماً وبرتبة ملازم (حَدَث)!! كما كان يُطلق حينها على المتخرجين الجُدُد من كلية الشرطة، فقد استدعاني المرحوم العميد فهمي القيمقچي (مدير الادارة بالوكالة بالمقر العام)، ومن باب النصيحة و(الميانة!!) الأخوية قال لي:
(يا ولدي.. أنت بعدك شاب صغير، ليش مستعجل عالحج، روح سفرة سياحية لأوربا أو مصر او لبنان او غيرها، ومن هسة رح يصيحولك “الحجي” وانت بهالعمر)!!!!
لكنني أصررتُ على طلبي (إجازة حج)!!!
ولم يجد المرحوم فهمي القيمقچي بُدّاً، امام اصراري الا الموافقة…وصرنا بعدها اصدقاء بالمسلك!! وهو صاحب معشرٍ لطيف ورياضي وصاحب روح رياضية (سبورت). رحم الله أبا عليّ كان (سبورت) فعلا….
وهكذا كما توقع الباشا (أبو علي) لاحقني لقب (الحجي) رغماً عني، ولا استطيع ان امنع الناس عن مناداتي به حتى وان كنتُ لا أحبذه ..لان الناس تعتبره توقيراً واحتراما…
دعواتي لجميع الاحبة ولكل عاشق ومشتاق ان يكتب الله له حج بيت الله والوقوف في صعيد عرفات وزيارة قبر الرسول الاعظم صلي الله عليه وسلم.
اللهم امين….
