عندما تتحوّل التكنولوجيا إلى أداة فـي الحروب..مايكروسوفت أنموذجاً!!



الوثائق التي كشفتها صحيفة (الغارديان) البريطانية حول العلاقة بين شركة مايكروسوفت وجيش الاحتلال «الإسرائيلي» تبرز الحاجة إلى التكنولوجيا الحديثة في الحروب إلى حدِّ تحوّلها إلى سلاح فعَّال في الصراعات الحديثة، ودورها الخفي لشركات التكنولوجيا الكبرى في الحروب كما استخدمتها «إسرائيل» في عدوانها على غزة.
ولم تقتصر العلاقة بين «إسرائيل» ومايكروسوفت على التخادم بالمعلومات الحساسة فقط، وإنما تعدّتْهُ إلى وجود مهندسي الشركة مع جيش الاحتلال، ووجود بعضهم في وحدات عسكرية وقدموا لوحدات استخباراتية متقدمة مثل «وحدة 8200» معلومات وأنظمة إدارة البيانات الاستخباراتية، وتحديد الأهداف العسكرية خلال الحرب «الإسرائيلية» على قطاع غزة.
أصبحت التكنولوجيا الحديثة ـ خصوصًا الذكاء الاصطناعي ـ جزءًا لا يتجزأ من العمليات العسكرية. وخلال العدوان على غزة، واجه جيش الاحتلال «الإسرائيلي» طلبًا متزايدًا على قوة الحوسبة والتخزين، مما دفعه إلى التوسع السريع في استخدام خدمات شركات التكنولوجيا الكبرى لدعم العمليات القتالية والاستخباراتية. وشملت هذه العمليات وحدات عسكرية متعددة، مثل القوات الجوية والبحرية والبرية، بالإضافة إلى مديرية الاستخبارات «الإسرائيلية».
ولم تقتصر مساهمة مايكروسوفت على توفير التكنولوجيا فقط، بل امتدت إلى تقديم الدعم الفني المباشر. وخلال الحرب، عمل مهندسو مايكروسوفت عن كثب مع وحدات الجيش «الإسرائيلي»، سواء عبر الاتصال عن بُعد أو من خلال الوجود في القواعد العسكرية.

أكدت الصحيفة أن شركات التكنولوجيا الكبرى، مثل مايكروسوفت وأمازون وجوجل، أصبحت لاعبًا رئيسًا في الصراعات العسكرية، مما يثير تساؤلات حول حدود المسؤولية الأخلاقية لهذه الشركات. وأثارت مشاركة شركات التكنولوجيا في الحروب احتجاجات بين العاملين في قطاع التكنولوجيا، الذين يخشون أن تكون منتجاتهم تُستخدم في انتهاكات حقوق الإنسان. ومع ذلك، تظل هذه الشركات بعيدة عن المساءلة القانونية في كثير من الأحيان.
وفي عالم تزداد فيه الحدود بين التكنولوجيا والحرب ضبابية، تظل الأسئلة الأخلاقية والقانونية حول دور شركات التكنولوجيا في الصراعات العسكرية دون إجابات واضحة. هل يمكن أن تصبح التكنولوجيا سلاحًا أكثر فتكًا من الأسلحة التقليدية؟ وما حدود مسؤولية الشركات التكنولوجية؟
صحيفة (الجارديان) بالتعاون مع المواقع «الإسرائيلية» شكلت لمحة نادرة عن التكامل المتزايد للتكنولوجيات الأميركية في نظام الدفاع «الإسرائيلي». وبحسب مصادر أمنية، أصبحت مايكروسوفت شريكًا حاسمًا زوَّد الجيش «الإسرائيلي» بالبنية الأساسية المتقدمة ومكَّنه من تحليل وإدارة كميات هائلة من المعلومات في الوقت الفعلي. في الوقت نفسه، عملت مايكروسوفت بشكل وثيق مع فرع الاستخبارات، بما في ذلك الوحدة «8200»، في مشاريع حساسة وسرية، وفق الصحيفة.
من جانبها، كشفت صحيفة «واشنطن بوست» عن التعاون بين جوجل ووزارة الحرب «الإسرائيلية» والجيش «الإسرائيلي» خلال العدوان على غزة، والتي بدأت في أكتوبر 2023. تُظهر الوثائق كيف منحت الشركة إمكانية الوصول إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة الخاصة بها لأجهزة الأمن الاصطناعي التي تقدمها شركة مايكروسوفت الأميركية خلال المرحلة الأكثر كثافة من قصف غزة.
فخلال العدوان على غزة، استخدمت وحدة «أوفك» التابعة لسلاح الجو «الإسرائيلي» أنظمة الاتصالات والمراسلة من مايكروسوفت لإدارة قواعد بيانات كبيرة للأهداف المحتملة للهجمات القاتلة، والتي تعرف بـ»بنوك الأهداف». وبحسب الوثائق، بين بداية الحرب في أكتوبر ـ تشرين الثاني 2023 ونهاية يونيو ـ حزيران 2024، وافقت وزارة الحرب «الإسرائيلية» على شراء (19) ألف ساعة من خدمات الدعم الفني والاستشارات الهندسية من مايكروسوفت لدعم وحدات متعددة.
