على هامش “صراعات الإقليم”..طبول حرب “إيران-إسرائيل” تدقُّ..وتوتر شديد الوطأة بين التفريس والعثمنة!


ملامح أساسيّة:
وصفَ الرئيس الإيراني “بزشكيان”، ما يجري في بلاده بأنّه “حالة حربٍ أخطر من الحرب العراقية-الإيرانية”. وبالمقابل تتصاعد وتائر “العنجهيتين الإسرائيلية والأميركية” إلى مستوى تزويد واشنطن لتل أبيب بقنبلة عملاقة، عُرفت بـ “أم القنابل” تزن 11 طناً، وهي أقوى قنبلة غير نووية في الترسانة الأميركية “نوع MOAB“، أما الجيش الإسرائيلي فيدفع باتجاه إعادة 400 ألف جندي احتياط إلى الخدمة!. ومقابل ذلك، كانت إيران قد كشفت عن صواريخ باليستية قادرة على الوصول لمسافة 2000 كيلو متر، وأعلنت عن تجهيز طائرات مهاجر 6، وأبابيل 5 المسيّرة، بصواريخ قائم، وألماس، للذكاء الاصطناعي!.
نقول: راهَنَ العربُ على “قهْرِصدام” وهزيمتهِ، لكنّهم بكوا على أطلاله عندما سَحقت إسرائيل “حصونَ سيادتهم”، وأذلّت “كبراءَهم”!. وفي الوقت نفسه انفتحت أبوابُ التغلغل والهيمنة، أمامَ إيران، في العراق، وسوريا، واليمن، فيما تعمّق حضورها في لبنان!.

الآن وبعد كل ما جرى، انحسر المدُّ الإيراني من سوريا، وانكسر، انكساراً عميقاً في لبنان، وفي الوقت نفسهِ، يتململ “وجوده” تململَ السقيمِ في العراق، والحالُ شبيهةٌ بذلك في اليمن، ثم إنّ هناك مؤشراتٍ ليست عابرة لحرب بين “إيران” من جهة، ويُرادُ أنْ لا يساندها فيها أحدٌ في المنطقة أو العالم، مقابل جهة “إسرائيل-أميركا” التي يمكن أنْ تلقى مسانداتٍ لا نظيرَ لها أوروبياً، و”عربياً” من دون ريبٍ!.
سؤالنا، بافتراض أنْ تخسرَ إيران الحرب، (وصعبٌ تصوّر غير ذلك)، وبافتراض أقرب للواقع، أنْ لا يسقط نظام “ولاية الفقيه”، إنما ينكسرُ انكساراً شديدَ الوطأة، بحيث يشربُ خامنئي “كأس السمُّ” ثانية، كما شربها “خميني” من قبل، فهل سيكون ذلك في صالح العرب، أم أنَّ إسرائيل ستنفردُ بهم، لتقيم عليهم “الحدِّ”، وتضربهم على قفاهم بعصا الطاعة، و”التطبيع الجماعي”، بل وتريهم ما هو أفظعُ، وأبشعُ، وأشنعُ، مما رآهُ العربُ جميعاً بعد سقوط نظام صدام حسين في العراق؟!.
الحقيقة المُرّة، هي أنّ توازنات الشرق الأوسط، إذا تعرّضت للاختلال مرّة أخرى، فإنّ بلدان العروبة لن تقوم لها قائمة!.
ولعلّ ما يجري في إيران، بحسب مصادر متعددة أنّ البيئة السياسية تُهيّأ لإبعاد “ممثلي الجناح الإصلاحي” عن مواقع القرار والتأثير، كإقالة أو “استقالة” جواد ظريف، الذي تولّى منصب نائب الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية قبل 7 أشهر، على هامش “إقالة” عبد الناصر همّتي وزير الاقتصاد إثر تدهور الاقتصاد الوطني في البلاد. هذا يعني أنّ إيران لجأت في أشهر الصراع الأخير مع إسرائيل إلى ما يمكن أنْ يُسمّى “ترتيب البيت الداخلي” بإزاحة أجنحة الإصلاحيين، وعودة الراديكاليين للواجهة.
وإلى جانب ذلك ثمّة “تحدٍّ خطِرٍ” آخر، سوى تشديد العقوبات الأميركية على إيران بهدف خنقها اقتصادياً، ذلك هو، تنافسُ “إيران-تركيا” الإقليمي في سوريا، والعراق، والقوقاز، الذي قد ينعكس على “تنامي” علاقاتهما الاقتصادية منذ عقود، إذ كانت أنقرة وطهران تسعيان إلى توسيع تعاونهما الاقتصادي والاستفادة من موقعهما الاستراتيجي، خاصة في مجالات الطاقة والتجارة والنقل.
ما يحدثُ اليوم، هو أنّ التوتّر بين البلدين، يتصاعد سريعاً، فهل يتطوّر إلى مواجهة سياسية أكبر، أم أنّ “الدبلوماسية” ستجد طريقها الى احتواء الأزمة، كما جرى الأمرُ في مرّاتٍ، اشتدّت فيها الأزماتُ بين الجانبين؟!.

تفيد التقارير أنّ التوتر الجديد بين إيران وتركيا، تصاعدَ على خلفية تصريحات وزير الخارجية التركي حول السياسات الإقليمية للنظام الإيراني، حيث قال علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد علي خامنئي، إنّ طهران لن تصمت أمام “التهويل”، كما استدعت الخارجية الإيرانية سفير أنقرة لإجراء محادثات.
ونقلت وكالة “رويترز”، الثلاثاء 4 مارس (آذار)، أن الخارجية التركية قامت أيضا باستدعاء القائم بالأعمال الإيراني في أنقرة ردًا على الانتقادات العلنية من طهران لسياسات تركيا. وطالب ولايتي، في اليوم نفسه، المسؤولين الأتراك بمراعاة “أدب الدبلوماسية” وتجنب “تكرار الادعاءات غير المبررة وغير الواقعية والتدخلية“.وأكد أن مسؤولي أنقرة لا يمكنهم إضعاف مكانة إيران في المنطقة، قائلًا: “إيران تؤمن بالحوار لكنها لن تصمت أبدًا أمام التهويل وسترد على أي إساءة برد مناسب“.
وأشار ولايتي إلى مقابلة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان مع قناة “الجزيرة” وتحذيره من دعم إيران للقوات الكردية المسلحة في سوريا، قائلًا: “إذا كنت لا تريد أن يُرمى حجر على زجاج منزلك، فلا ترمِ الحجارة على الآخرين“. كما قال فيدان إن المنطقة يجب أن تتحرر من “ثقافة هيمنة دولة على أخرى”، مؤكدًا أنه لا ينبغي للعرب ولا للأتراك ولا للأكراد ولا للإيرانيين السعي إلى “الهيمنة على الآخرين أو الإزعاج أو التهديد“.
وبعد أيام من هذه التصريحات، استدعت وزارة الخارجية الإيرانية حجابي كارلانكيج، سفير تركيا في طهران، وأجرى محمود حيدري، مساعد وزير الخارجية ومدير عام منطقة البحر المتوسط وشرق أوروبا، محادثات معه.

ونشرت قناة “برس تي في”، الناطقة بالإنجليزية التابعة للنظام الإيراني، الخبر باستخدام عبارة “استدعاء سفير تركيا“. وفي وقت سابق، وصف إسماعيل بقائي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، تصريحات فيدان الأخيرة بأنها “غير بناءة”، مشيرًا إلى وجود خلافات قديمة بين طهران وأنقرة حول القضايا الإقليمية.
ووصف بقائي تصريحات فيدان بأنها “غير بناءة للغاية”، مؤكدًا أن هذه التصريحات تتطلب “موقفًا واضحًا وحازمًا” من إيران. ووفقًا لتقرير وزارة الخارجية الإيرانية، قال حيدري في لقائه مع كارلانكيج إن المسؤولين الأتراك يجب أن يتجنبوا “التصريحات غير المناسبة والتحليلات غير الواقعية” التي قد تؤدي إلى خلافات وتوترات، وذلك مراعاة للمصالح المشتركة للبلدين وحساسية الوضع الإقليمي.
وأضاف التقرير أن كارلانكيج أكد على ضرورة “التعاون الوثيق” بين طهران وأنقرة، ووعد بنقل وجهات نظر وزارة الخارجية الإيرانية إلى نظيرتها التركية.

وكان وزير الخارجية التركي قد صرح سابقًا لقناة “الحدث” أن إيران ستتعلم من الوضع الجديد.
وقد وصفت وسائل الإعلام الحكومية في إيران، مثل صحيفة “كيهان” ووكالة “تسنيم”، هذه التصريحات بأنها “تهويل” و”تهكم“. كما فسرت بعض وسائل الإعلام الداخلية التصريحات الأخيرة لفيدان على أنها تهديد بالرد من خلال تحريض القوات الكردية المعارضة لنظام في إيران.
وتتصاعد التوترات بين طهران وأنقرة في وقت زار فيه رئيس جهاز الأمن التركي طهران في فبراير (شباط) والتقى بوزير الاستخبارات في حكومة بزشكيان ومسؤولين آخرين، وناقشوا قضايا مثل الوضع في سوريا وحزب العمال الكردستاني.
وترتبط تركيا وإيران بمصالح اقتصادية متبادلة وعلى نحو استراتيجي، ومنها في الطاقة، النفط، والغاز الطبيعي. وبرغم تأثر الإمدادات، بالعقوبات الاقتصادية، إلا أنّ إيران تُعدُّ أكبر مورّدي الغاز إلى تركيا. وكان الطرفان قد شرعا في مشاريع مشتركة للاستثمار في محطات توليد الكهرباء.
وعلى الصعيد التجاري، فإنّ البلدين يتبادلان المنتجات البترولية، والسيارات، والأجهزة الكهربائية، والسجاد، بالإضافة الى المنتجات الغذائية. وعلى سبيل المثال لا الحصر بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين حوالي 7 مليارات دولار، بطموح الطرفين للوصول الى 30 مليار دولار سنوياً.
وثمّة اهتمام إيراني بالسياحة في تركيا والتسوق والعلاج، فضلاً عن استثمارات إيرانية في قطاع العقارات والفنادق داخل تركيا. إضافة الى التعاون المصرفي والمالي.
