عجائب “العربية”..من “الداهشية” إلى موسكو بوتين..مؤتمر أدبي دولي للدفاع عن عالميتها!
بقلم: صباح اللامي
مؤتمرُ ألسنتنا، وعقولنا، وقلوبنا، وديننا، وتاريخنا، وتراثنا، وشعرنا، ونثرنا، مؤتمر اللغة التي حفظنا منذ بدايات “ألفباءِ” دراستنا قصيدتَها “لغة القرآن”:
لا تلمني في هواها أنا لا أهوى ســـــواها
نزلتْ في كلِّ نفسٍ وتمشّـت في دماها
فبـــــها الأم تغنت وبـــــــــــــــــــــــــها الوالد فاها
لغة الأجداد هـــذي رفــــــــــــــــــــــــع الله لواها
وأخيراً: “لم يمت شعب تفانى….في هواها واصطفاها”!
أقول: باستثناء قلة، لا يعرف العربُ من محيطهم إلى محيطهم، ومن صحرائهم إلى خضرائهم، أنّ هذه الأبيات المنتقاة، إنما هي جزءٌ من قصيدة لشاعر لبناني يُسمّى “حليم بن ابراهيم جريس دَمَوس، وُلدَ في “زحلة” سنة 1888، وتوفي في بيروت سنة 1957، فعليه رحمة الله وبركاته.
ولأنّ حديثنا أشبه بـ”تداعيات”، دعونا نعرف ما قصة هذا الشاعر، ففي بعض ما تذكره “الغوغوليات”، أنّه درس في البرازيل لسنوات، ثم عاد إلى بيروت، وعاش في سوريا، وزار العراق، وحواضر عربية أخرى، وأهم ما في سيرته أنه مات على “المذهب الداهشيّ”، وليس “الداعشي”، وخلاصته أنه “نهج إبراهيميّ” على ما يدور اليوم من حديث حول هذا المنحى، فهذا المذهب يؤمن بكل ما أنزل على الأنبياء والمرسلين، أي أنه يحترم جميع العقائد التي أوحى بها الله تعالى.
أما مؤسس هذا المذهب فهو المُسمّى “الدكتور داهش”، نكرّر ليس “داعش”، وهو الدكتور سليم موسى العشي “1909-1984” طبقاً لموسوعة “ويكيبيديا”، التي عرّفته بأنه أديب لبناني من الطائفة السيريانية ولد في بيت لحم بفلسطين، وأسس سنة 1948، عقيدة روحية تسمى “الداهشية” أو “Daheshism“. ويُعتقد أنّ لهذه العقيدة “رمزاً مقدساً” يكتبه الداهشيون في رفع ابتهالاتهم الى الخالق على ورقة محدّدة الصفات، ثم يطوونها طيّاً معيناً، وبعدئذٍ يحرقونها بطريقة مُحدّدة يلتزمون بها. إلى آخر ما في هذا المذهب من أسطورة!.
أعود فأقول، لم تلتفت أنظارُ العرب جميعاً، وأنا منهم إلى المؤتمر الأول لـ”الرابطة العالمية للدفاع عن اللغة العربية” الذي عُقد في موسكو من 5 إلى 7 آب الجاري. طبقاً لمعلومات رسالة وافاني بها الصديق العزيز الأستاذ الدكتور رياض حامد الدباغ، معزّزة بالصور، وبإحالة رابطية إلى “الشبكة مباشر” وهي بحسب تعريف أصحابها “مجلة العائلة العربية في المهجر”.
شاركتْ في المؤتمر فقط أربعة وفود عربية من العراق، وقطر، والإمارات، والسعودية!!، وخمسة وفود أجنبية من “السنغال، بنغلاديش، إيران، الكاميرون، غامبيا”. وفضلاً عن (الجولات السياحية لأهم معالم موسكو التاريخية والحضارية)، بحث المؤتمرون علاقة اللغة العربية بالحضارة الإنسانية، وعالمية لغتنا، وضرورة تعزيز مكانتها العالمية، وسلامتها، والحفاظ عليها من خلال التشريعات والأنظمة والقوانين.
ولمن لا يعرف فإنّ بغداد هي مقرُّ الرابطة العالمية للدفاع عن اللغة العربية، وطبقاً لـ”الشبكة مباشر”، فإنّ هذه الرابطة تصف نفسها بأنها “قلعة للدفاع عن الهوية العربية المهدّدة، وهي جسر لمدّ التواصل بين العرب والناطقين بالعربية حول العالم، وهي منظمة دولية غير ربحية”. ولمن لا يعرف أيضاً فإنّ “البيت الروسي في العراق، ومنظمة طلبة بلا حدود الروسية، وجامعة بيروغوف الروسية الوطنية للبحوث الطبية” تعاونوا مع الرابطة في عقد هذا المؤتمر، الذي رفع شعار “اللغة العربية رسالة حب وسلام وجمال للعالم”.
أما أنا فلم أعرف في هذا المؤتمر إلا الأستاذ الدكتور رياض الدباغ، والزميل الصحافي العراقي الشهير، والقدير سلام مسافر المقيم في موسكو ، فعليهما وعلى اللغة العربية، وعلى من يحيي مناقبها السلام.
لكنَّنا نتساءل:
-ما علاقة موسكو (وهي متفضّلة طبعاً) برعاية مؤتمر الخوف على اللغة العربية؟!
-لماذا اقتصرت المشاركة على أربع دول تنطق بلغة الضاد؟.
-وأين هو “حضور” مجامع اللغة العربية في العراق ومصر وسوريا أو غيرها في مشرق العرب ومغربهم، وآسياهم وإفريقياهم؟ قال أحد زملائي في “برقية”: ثمة أسئلة كثيرة في هذا الزمن ليس من اليسير علينا أو على غيرنا الإجابة عنها؟!