صوت “محمد عبد الوهاب” على ناصية شارعٍ تظلّله بركات الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان…
للنّاس كلِّ الناس، ميزةٌ هنا أو ميزةٌ هناك، والمتألّقُ في هذه الصورة “أبو ضي”، الصحافي، الفنّان الأستاذ “محمّد الربيعي”، إنسانٌ بميزاتٍ كُثْر، بل لا تُعدُّ ولا تُحصى، بدءاً من رقّة لسانهِ، وابتسامةِ ثغرِه، ونظرتِه الحانية، وكبريائِهِ الجمّ، ومروءتهِ التي تأسُرُ القلوب، وتواضعِه لله، وتمسّكه الجميل، الوسطيّ بأهداب الدين الحنيف.
عَرَفَ -برغم فوادحِ متغيّراتِ الزمن- كيفَ يُؤسّسُ لنفسهِ، وعائلتهِ، حِصْناً جميلاً يقيهم شرورَ الزمن، ويُضفي عليهم بهجةَ البيتِ الآمن، المستقرِّ، المتآلف، لاسيّما أنّه يفعلُ ذلك كلَّهُ بفنِّ العقلِ المُهنْدَس، وحسِّ العاطفةِ، محسوبةِ الأداءِ بميزانِ الذهب!.
وبمناسبة “ميزانِ الذهبِ”، الذي يذكّرنا بالشعر وأوزانهِ، يمتلك “أبو ضي” صوتاً غنائياً، يختزنُ حسّاسيّةً نادرة، تشبهُ خامتُهُ تلك التي كان عليها صوتُ الفنان الكبير الموسيقار محمد عبد الوهاب!. وأنا شخصياً كلما لقيتُ صديقي الحبيب “أبا ضيّ” في بغداد، أسألُه بإلحاح أنْ يسمعني شيئاً من “عبدالوهابياتهِ”، فيُطربني أيّما إطراب، ويفاجئ من يسمعَهُ معي برخامةِ صوتِهِ ذي الحلاوة، والطلاوةِ و”الشكرلمه”!.
أردّت بهذه “البرقية” أنْ أسجّل قراءتي لصورة تأمّل مشرِقٍ، تلقيّتها على الواتصب من أخي الحبيب، الزميل، محمد الربيعي الذي طالما كنّا نلتقي في “عُصبةِ الأربعة” التي يشكّل ثالثَها صديقُنا الصحافي نبيل الطائي، “أبو بلال” الحبيب، والتي انضمّ إليها فيما بعد صديقنا القديم الآخر، الصحافي “أكثم عبد اللطيف العاني”، الفنّان الذي رأيناه كاتباً جميلاً. ومن حُسنِ الحظ أن جمعنا القدَر أيضاً بالصديق العزيز “أبي محمّد” الفنان التشكيلي الكبير “شاكر خالد”، فهو إنسان محبوب، وأصيل.
أما فقيدنا، الذي كان محور “عُصْبةِ الإخوة” هذه، فهو العزيز الراحل حسين حسن البياتي، “أبو علي” قديماً، و”أبو صبا” فيما بعد، تغمّده الله برحمته الواسعة، وأسكنه جنّات الفردوس. كان “حسين حسن” يحملُ “أخلاقَ نبيّ”، بجمالِ صدقهِ، ونظافة قلبه، وحبّه للخير، وإنكاره، واستنكاره لكلّ سوءِ خلُق. اللهمّ ارحم فقيدَنا خالدِ الذِكْرِ، واحفظ أصدقاءنا الأحياء، واحمِهم، وارزقهم، وأنلْهُم ما طمحوا إليه، ورجوه.
أخي “أبو ضي” الحبيب، تحياتي ومحبّتي…