سوسيولوجيا عراقية(4)..شعبناالعربي يمشي..ولكنْ إلى “الوراء”!!
أنت تقرأ، إذاً أنت تتقدّم، وبعكس ذلك، فأنت “تمشي” ولكنْ الى الوراء!. وهذه هي الحقيقة التي يجب أنْ نعترف بها –نحن العرب- فثمة مصدر موثوق يؤكد أنّ “متوسط القراءة في العالم العربي يوازي ست دقائق في السنة للفرد الواحد”. وبهذا يصح القول فينا “منين أجيب ازرار للزيجه هدل”!َ.
ويقال إنّ الفيلسوف الفرنسي فولتير (1694-1778) سئل عمّن سيقود الجنس البشري في المستقبل، فأجاب: “الذين يعرفون كيف يقرؤون”. وكان الأولى بنا نحن العرب المسلمين أنْ نظل متمسكين بأول أمر أصدره الله تعالى إلينا “إقرأ”. ويُنقل عن الرئيس الأمريكي الثالث جيفرسون (1743-1826) قوله: “إن الذين يقرؤون هم فقط الأحرار، لأن القراءة تطرد الجهل والخرافة”. أيها أنها تطرد العبودية، أو تجندلُها!.
وعلى الذين يتساءلون معجبين عما وراء التقدم الهائل لليابانيين، أن يعلموا أنهم محوا الأمية منذ القرن التاسع عشر. أما المقارنة بيننا وبين “عدوّنا الإسرائيلي” فهي أنّ كتاباً واحداً يصدر لكل ربع مليون مواطن عربي سنوياً. ولكنّ إسرائيل تطبع –في المقابل- ما يعادل ضعف ما تصدره جميع الدول العربية من كتب سنوياً. ويذكر تقرير التنمية الانسانية العربية لسنة 2002، أنه بلغ مجموع الكتب المترجمة الى العربية من عصر المأمون حتى الآن نحو 100 ألف كتاب ، وهو يوازي تقريباً ما تترجمه إسبانيا في عام واحد.
ولكي لا يتهمني أحد بالمبالغة أو التلفيق، أشدد على أنّ هذه المعلومات المهمة التي أوردها في المقال، قرأتها في كتاب “القراءة الذكية” الذي يذكر أيضاً أنّ وزير الثقافة الفرنسي نزل مع كبار الكتاب والمؤلفين الى الشارع والحدائق العامة لحث الناس على القراءة في مهرجان اسموه “مهرجان جنون القراءة”. وكل ذلك بعد أن أكدت دراسة صدرت سنة 2003، أن 50 بالمائة من الفرنسيين بدأوا يعزفون عن شراء الكتب، ويتجهون الى الانترنت كمصدر للمعلومات.
طيّب، ما الذي تعنيه لنا مثل هذه النتائج “الغثيثة جداً” في الاستبيانات التي تجريها مؤسسات دولية؟. أولاً تحثنا على حبّ القراءة، وتحبيبها لأولادنا، وبناتنا، وأهلينا، وجعلها جزءاً من طبائع حياتنا اليومية مهما كانت الظروف، هذا إذا أردنا أنْ نشرع بشكل عملي في رفع شأننا كمخلوقات إنسانية. الأمر الآخر أن يعتاد كل بيت على الاهتمام بوجود مكتبة ولو صغيرة فيه. وثالثاً أنْ نثق بأنْ عبقرية شعبنا لن تأتي فقط من ملكات، ومواهب، واستعدادات تولد معنا. ذلك أمر حق، لكنّه نسبي التأثير، لأنّ التوجه العام للقراءة، والانتهال من ينابيع العلم والثقافة بجميع فنونها، هو المصدر الصافي الذي يعيننا على التقدم، والتطور، والنماء في مجالات الحياة كلها. ولقد سئل “أبو الضوء”، توماس أديسون (1847-1931)، عن سر عبقريته ، فقال: 1 بالمائة إلهام، و99 بالمائة عرق جبين، ومواظبة، وتعب.
أيها الناس، يا أحباب الله: ما لم نقرأ، ونحن في الحافلة، وفي انتظار الدخول الى الطبيب، وبعد صلاة الفجر، وقبل أن ننام، وفي كل فراغ من عمل أو واجب، سنظل “نمشي” الى الوراء. ولهذا أمرنا الله تعالى أول ما أمرنا بقوله الكريم “إقرأ”.