رأي

 سوسيولوجيا عراقية [8]..لنْ تجِدَ عند “الفئران المذعورة” ما يمنحُك الأَمان!!

    (ألا يستحون من وعودهم)!..وعود، وعود، وعود.. هل يُمضي العراقيون أعمارهم بـزبَدِ الوعودِ، وسرابِ الأماني من غير طائل؟!.. حتام، وإلامَ، وعلامَ، وبالكلام المفهوم “لشوكتْ؟”. أنبقى ننظر الى هذه “الچِهَر” حتى ينقطع النفس؟!..ذلك أمرٌ لا يُطاق، لا يُطاق على الإطلاق. الوعود المستحيلة، نوع من الكذب، وحبل الكذب قصير، فما لهذا الحبلِ يطولُ في العراق، أكثر من اللزوم، وأزيد من المفروض، وأطول، أطول، أطول ممّا تصبرُ عليهِ !. لا هي سنة فتنقضي، ولا سنتان، ولا ثلاث، ولا أربع ولا خمس. صار عمر “الوليد” يوم سقوط بغداد بيد المحتل الأمريكي، 21 سنة، وهو الآن يقرأ، ويكتب، ويفهم، ويحسّ، ويحبّ، ويتزوّج، ويعمل، وبربّي أولاداً، بل يستطيع في الغالب أنْ يرفض ما هو سيء، ويقبل ما هو جيد. هذا الجيل الآن في مرحلة تخلـّق “الوعي”، بل سيرورتُهُ نحو النضوج. تـُرى ما الذي سيكون عليه؟!..الله وحده أعلم.

    لو أحصينا على كل قائد سياسي –دعونا لا نحفل بمن هم في معيتهم، فهم ليسوا أكثر من منفّذين- الوعود التي أطلقها منذ سنة 2003، حتى الآن لأغرقتنا بالنِعم، ولجعلتنا من أحسن الشعوب، سكناً، وهواءً، ومعاشاً، ولباساً، وأكلاً، وشراباً، ونظافة، ومتعة، و”ونسة” أيضاً. فهل صرنا إلّا بالضد تماماً مما قاله زعماؤنا وقادتنا وأصحاب النفوذ والحل والعقد فينا؟!. نقول “ميخالف”، ربما يكون في آخر النفق المظلم هذا، بصيص أمل. لكنَّ الحقيقة الصادمة دائماً، هي أنّ هذا الأمل، إنما هو ابن السراب، فإلى متى نظل ننخدع، وحتى متى “تلعبُ” بنا وعود هؤلاء السادة الرؤساء القادة؟!.

    أنظل نكتب عن الفساد، والفاسدين، والحرامية، والنشالة، وسقط المتاع، ممن أفسدوا على الناس كلَّ شيءٍ جميل في حياتهم. لقد تدخلوا في أشياء كثيرة، لم يكن لهم أبداً الحق في التدخل بها. نصّبوا أنفسهم “قضاة” يأمرون، وينهون، وهم بكل مقاييس الأرض والسماء لا يستحق واحدهم أنْ يُسرّح بعشرة “طليان“!.

     اختلط علينا الحرام بالحلال، اختلط الصالح بالطالح، ولم يعُدْ الناس يعرفون; هل أميركا “أشـــرف” من إيران؟..أم إيران “أشرف من تركيا؟!..أم مَنْ “ألعنُ” ممّن؟..أم كلها “في الهوى ســـوا”؟!..أم ماذا؟!. ضِعنا، وضاعت علينا المقاييس في فهم سوريا وتحوّلاتها، ولبنان ومتغيراتِه، والقاهرة واضطرامات فقرِ أغلبيتها الكادحة، وفرعونية السلطة فيها، ودول الخليج و”چقلبانات التطبيع” غير المُبرَّر لساستها. ضاع الناسُ فعلاً، فأغلبهم الآن “مشدودٌ” بقوّة الى الفيس بوك. يفرّج فيه “ضيقه”، أو يخرج في الجمُعَات الى ساحة التحرير، يهتف، ويهتف، ويهتف، حتى تنخلع أوتار حنجرته، فيما الآخرون، وأقصد الطبقة السياسية، والقادة الخرافيين، “أذنٌ من طين، وأذنٌ من عجين”. لكنّهم لا يملّون –وبشكل يومي- من إطلاق وعودهم، داعينَ الناس الى الصبر، والتفاؤل. لماذا؟!!..لأنّ “الخيرَ آتٍ”. من أين؟.. لا ندري. كيف؟..لا أحدَ يخبرنا بالسرِّ!!.

   ويمكنني بقوّة، أنْ أتحدّى أيَّ عراقيٍّ ، يزعُمُ أنّه قادرٌ على التخطيط لحياته، أو لحياة أبنائه. لن يقوى على ذلك، أبداً، فكل شيءٍ في العراق حتّى الآن “خادع”..لا شيء “ثابت”، لا شيء “صادق”. نحن نعيش مرحلة “تناسل” الوعود، والأكاذيب، والخرافات، والخزعبلات. وهي في محصلتها “افتراء على كل حق”. وهاهم “قادةُ العراق”، فزّوا من أوّلِ تجربة، حتّى لكأنّهم “فئرانٌ مذعورة”..المثل الطَنْبُوريّ يقول: لن تجدَ عند الجائعِ غيرَ أنْ يتمنّى شبَعَك!. وعلى سياقِ ذلكَ أقول: لنْ تجدَ عندَ الخائفِ، ما يَمنحك الأمان!!.   

مقالات ذات صلة