العراق

سلامات منذر آل جعفر .. سلامات إنساناً جميلاً وصديقاً أثيلاً ..

أخي الحبيب منذر:

     زمالتنا، صداقتنا، صحبتنا، تمتد لأكثر من أربعين سنة، كثيرها جمال وبعضها النزر قُبح، بعضها فرح وبعضها حزن، بعضها حضور وبعضها غياب، لكنها برقيّ السلوك وتسامي المعاني، ظلّت عامرة بالود والصراحة وخلوص السرائر، ولم يكن اختلاف الرأي فيها إلا منبتاً لصحة التوجّه وعمق نهجه ومنهجه.

     أخي العزيز: لأيام وأنا -مع حشد من الأصدقاء- نتابع حالتك الصحية بعدما نُقلتَ إلى طوارئ مستشفى الكرامة في كرخ بغداد، فاقد الوعي من جراء تفاقم فشل الكليتين اللتين خانتاك في ستينيات عمرك، فكان لا مفر لكَ البتّة من النوم ليومين تحت آلة غسيل الكلى. ولم يتسنَّ لي سماع صوتك -أيها الأخ الحبيب- إلا بعد أن بشّرني الأخ الغالي جميل السجايا أبو بلال الأستاذ رباح آل جعفر ، ليقول لي: أبا سيف تحدث إلى أخيك الحبيب أبي النعمان.

      أخي منذر: بقيتَ لأيام وأيام في حواراتنا الهاتفية ممتدّة الخط من بغداد الى آخر الدنيا في “كالغري” بكندا، تردّد بيت الجواهري:

     إيهٍ ” عميدَ الدار ” ! شكوى صاحبٍ

                      طفَحَتْ لواعجُهُ فناجى صاحبا

     كنتُ أسمع، وأتمزق حزناً، لإحساسي بالعجز عن فعل شيء، فأجدني محترق المروءة، لاجئاً فقط إلى التضرع إلى الله الواحد الأحد، متوسّلاً جوده وإحسانه، أن يعافيك من كل سقم. وفي هذه اللحظات التي أنستُ فيها بسماع صوتك مجدداً، ليس بوسعي إلا أنْ أردد بيت الجواهري:

      أنا في صميم الضارعين لربّهم   

                       أنْ لا يُريك كريهةً وجفيلا

    سلامات منذر آل جعفر، سلامات للانسان الجميل والصديق الأثيل.. وكل ما سوى الإنسان والصديق، غُثاءُ سيلٍ أو زبدٌ يذهبُ جفاءً.

                      أخوك صباح اللامي

مقالات ذات صلة