تحقيق

سر الرقم (56) لدى العراقيين!!

      لم أكن أعلم من قبل أنَّ العراقيين بعد 2003 صارت لديهم “ثقافة وخبرة قانونية واسعة ومُعمّقة”!! بحيث يعرفون موادَّ قانون العقوبات ودلالاتها ومعناها. ولكوني (مغترباً) عن بلدي منذ 21 عاما، فقد فوجئت قبل أيّام حين زارني أصدقاء قادمون من بغداد الى الدوحة، لأستضيفهم في مسكني ذي الرقم (56)، حيث أقيم منذ عشرين عاماً. وكان هؤلاء الأصدقاء القدامى ضمن وفد عراقي رياضي رسمي زار الدوحة، وحين  خرجت اليهم لاستقبالهم وجدتهم غارقين في الضحك، وفي البداية لم افهم معنى ذلك.. وهم يُردّدون (56 ممعقولة!!) مع ضحكاتهم… ويشيرون الى لوحة رقم داري؟؟ وقد عرفت منهم أن الرقم (56) بات يمتلك صيتاً سيئاً في الذاكرة الجمعية العراقية، بحيث أن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق استجابت لطلبات أعداد من المرشحين للانتخابات بحذف رقم (56) من قوائم تسلسل المرشحين، نظرا للصيت السلبي للرقم ومنعا لإحراج المرشحين أمام ناخبيهم؟

       نحن نعرف أن الرقم (56) هو حاصل ضرب الرقم (7) في الرقم (8)، لكنْ في العراق هناك معنى خاص مختلف لهذا الرقم، فهو ليس كما في باقي الدول، لا يعدو أن يكونَ رقماً من أرقام الرياضيات، إنما صارت لهُ دلالةً على النصب والاحتيال، فكلنا نسمع وربما نردد عبارات تتصل بهذا الرقم مثل (هذا شخص 56 …!!) (أنت واحد 56 مَا ينوثق بيك!!!). لكن يا تُرى ما أصل هذه العبارة ولماذا استخدم الرقم المذكور بالذات؟

         تبين لي أن الرقم أخذ صيته السيء بين العراقيين لارتباطه بالمادة القانونية (456) المعنية بجرائم النصب والاحتيال في قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969، والتي باتت تسمى اختصارا برقم (56). وانطلاقا من دلالات المادة (456)، لجأ العراقيون منذ سنوات لإطلاق الرقم (56) على أي شخص يتهمونه بالنصب والاحتيال، وكثيراً ما كانت تُطلَقُ تلك الصفة، تعبيراً عن سخط العراقيين من الطبقة السياسية.

        التشاؤم من بعض الارقام يأخذنا الى قصص مماثلة منها الرمزية السيئة للعدد (13) المشؤوم في بلدان الغرب؟ حيث يرتبط هذا العدد بحوادث أخرى مشابهة في الخشية من الأرقام وتأثيرها السيئ في الذاكرة الجمعية، ففي أوروبا يرى الناس أن “13” رقم الشيطان ورمز التشاؤم وسوء الحظ، لما ارتبط به من دلالات من خلال وشاية “يهوذا الإسخريوطى” بالسيد المسيح، وهو ما صوره الفنان الإيطالي ليوناردو دافنشى فى لوحة “العشاء الأخير” بالقرن 15.

        شكرا لأصدقائي العراقيين الأعزاء الذين علّموني درساً كان خافياً عني من قبل نظراً لاغترابي عن العراق الحبيب لسنوات طوال!!!!. وجعلوني أفكر في مطالبة “جهة الاسكان” بتغيير رقم منزلي؟؟ أو أبحث عن منزل آخر لا يحمل العدد (56)؟ 

مقالات ذات صلة