زقورة عقرقوف فـي خطر



تقف الزقورة، بَيْنَ صمود التَّاريخ وتقلُّبات الزَّمن، شاهدة على براعة الحضارة السومريَّة وعظَمة وادي الرافدين. فمنذُ أكثر من (3400) عام ارتفعت هذه التحفة المعماريَّة شامخة في قلبِ العراق، تحكي قصص الملوك والآلهة والتجَّار الَّذين مرُّوا بها، لكنَّها اليوم تواجِه خطر التَّآكل بفعل التَّغيُّرات المناخيَّة والإهمال الَّتي نبَّهتْ إلى مخاطر ذلك وسائل إعلام عراقيَّة.
وأجمع آثاريُّون على أنَّ «عدم الاهتمام بالمواقع التراثيَّة يُعَدُّ إساءة إلى تاريخ العراق القديم وإرثه الإنساني»، وضرورة تطوير البنية الأساسيَّة حَوْلَ الزقورة، مثل بناء فنادق، منتجعات، مطاعم وأسواق.
تُمثِّل زقورة عقرقوف تحفة معماريَّة تعكس عظَمة الحضارات القديمة الَّتي قامت في بلاد الرافدين، لكنَّها اليوم تواجِه خطر التَّآكل والتَّدمير؛ بسبب العوامل المناخيَّة والإهمال تقلَّصت «التحفة المعماريَّة»، من ارتفاع بلغ (71) مترًا في أوج مجدها، إلى (57) مترًا فقط كما هو الحال الآن، وسط تحذيرات الخبراء من انهيارات مستقبليَّة إن لم تُتخذْ تدابير عاجلة للحفاظ عَلَيْها.
وتقع الزقورة في منطقة أبو غريب بالعاصمة بغداد، ويَعُودُ تاريخ تأسيسها إلى القرن الرابع عشر قَبل الميلاد، حيث كانتْ تُعَدُّ عاصمة للكيشيين حتَّى فقدتْ أهميَّتها بسقوط تلك السّلالة.
وأشار الباحثون إلى أنَّ «بغداد كانت إحدى مُدُن جنوب بلاد وادي الرافدين، وتقع الزقورة تحديدًا قرب التقاء نهري دجلة وديالى، على بُعد (30) كيلومترًا غرب مركز بغداد وخلال القرن الماضي غمرَتْها المياه، ما أدَّى إلى تحطُّم أجزاء مِنْها.
وفقًا للمنقِّب الأثري جنيد عامر حميد، كانتِ الزقورة مركزًا تجاريًّا لعدَّة قرون، تمرُّ بها قوافل الإبل والتِّجارة عَبْرَ الطُّرق القديمة.
وفي عام 1970، تمَّ تنفيذ مشروع إعادة بناء شمل الزقورة والمعابد والمباني العامَّة والتَّل الأبيض، الَّذي كان يضمُّ قصرًا كبيرًا، و..، كانتِ الزقورة تتألف من طبقات من حصير القصب الَّذي يُعزِّز هيكلها ويمنعها من الانهيار، كما عثَر علماء الآثار العراقيون على مواقع أثريَّة أخرى قريبة، مثل تل أبو شجر.
تتميَّز قلعة عقرقوف ببناء مُتقن، إذ تحتوي على طبقات متراصَّة من حصير القصب، وتضمُّ بَيْنَ كُلِّ (8) أو (9) لبنات ثقوبًا كبيرة تساعد في التَّخلُّص من الرُّطوبة وحماية البناء من العوامل الجويَّة.
رغم قِيمتها التَّاريخيَّة، تُعاني الزقورة الآن من الإهمال ونقص الخدمات، ما أدَّى إلى تراجع أعداد السَّائحين.
عمليَّات التَّحديث والتَّرميم رُبَّما لم تحافظ على طابع الزقورة الأصلي بشكلٍ كامل؛ لأنَّ «الحضارة العراقيَّة واحدة من أقدم الحضارات في العالَم، وتعكس قدرة الإنسان على الابتكار والتَّطوُّر المعماري».
إنَّ «زقورة عقرقوف لا تختلف كثيرًا عن زقورة أور الشَّهيرة، إذ إنَّ كلتيهما تُمثِّلان تكاملًا معماريًّا مذهلًا، لكنَّها انتقدتْ الإهمال الَّذي تعاني مِنْه بعض المواقع الأثريَّة العراقيَّة».
وعلى مدَى أكثر من (3440) عامًا، ظلَّتْ زقورة عقرقوف صامدة، لكنَّها اليوم تواجِه تهديدات بيئيَّة وزحفًا عمرانيًّا قد يزيد من تآكلها.
في هذا الصَّدد، أكَّد خبير الآثار عامر عبد الرزاق، أنَّ «الآثار العراقيَّة تُشكِّل جزءًا أساسًا من هُوِيَّة البلاد»، معربًا عن «قلقه إزاء عدم الاهتمام الكافي بحماية هذه المواقع».
في عام 2008، وضع مسؤولون خططًا لإعادة تأهيل الزقورة، وفي عام 2013، نفَّذتِ المديريَّة العامَّة للآثار عمليَّات صيانة ضِمن مشروع «بغداد عاصمة الثَّقافة العربيَّة.
ومع ذلك، لم تشهدِ الزقورة منذُ ذلك الحين أيَّ مشاريع ترميم جديدة، ما يترك هذا الأثر التَّاريخي الفريد عرضة لمزيدٍ من التَّدهوُر.
