العالم

 رسالة تعزيةٍ إلى الدكتور طاهر البكاء: كيف يتسنّى لي تعزيتُك بمن هي “كلُّ عمرك”؟!  

    أخلّي بينك وبين ألقاب الاستحقاق سيّداً، وأستاذاً، ووزيراً، وكاتباً، لأتحدث عن الصديق “طاهر البكّاء”.. عن أبي “هند”، و”د. عمّار”، و”علي”.. عن الإنسان الذي عرفته منذ عُمرٍ من السنين،  رافلاً بتواضع نبيل يَندُر مثولُه في إنسان، دائم العطاء من خبرته، وحكمته، وعذوبة لسانه، دليله أصالتُه، وثقافةٌ سديدةٌ ممخَّضةٌ بصدق التجربة، لا تسمع من لسانه، كلمة نابية، أو خادشة، أو شتيمة لأحد، يكنُّ لكل بني البشر، بثقافاتهم، وقومياتهم، وأديانهم، وطوائفهم، ومللهم، ونحلهم احترام وجودهم، وكينونتهم، وإنسانيتهم.

       فكيف يتسنّى لي إحسانُ تعزية رجلٍ من هذا الطراز، بمصابٍ فاجع، بأحبّ الناس إليه، حبيبته، رفيقة عمره، بهجة نجاحاته، وملتجأ عذاباته، دفء بيته ومسّرته، وأنيسة وحشته، ومختلَف إحساسه، وفكرته، وبدء يومه ومنتهاه؟..الزوجة التي ربّت، وسهرَت، وأمدّت أفراد الأسرة بحنانها، وعطفها، وحبّها، ودأبها في رعاية الجميع.  

        لا الصبرُ وحدَه يكفي، ولا الجلَدُ، ولا سُلوانَ يُلجِمُ نزفَ الروح لمن هي عشقُ حياته، وسرُّ بهجته، وبيت عِشرته، وخاصّة نفسه، وجميل صحوه على مائدة إفطار، أو نزهة قلبه في سفرٍ، أو سهرة مودّة ورحمةٍ، أو مشاركة في قراءة كتاب أو مشاهدة فيلم.

        أخي وأستاذي “أبا عمّار”، قلبي معك، كما هي قلوب محبّيك، وهم كُثر بحمد الله، ولكنْ لا ملجأ إلا الرضىا، ولا كَنف إلا الصبر، ولا سعةَ سكينةٍ، إلا بالركون لقضاء الله وقدره. نسأله تعالى أنْ يهبكَ فوق ما عندك من قدرات على الصبر والرضا والسلوان. رحم الله الفقيدة الغالية، فلترقُد بسلام، لها جنّات الفردوس إن شاء الله، تغمرُها رحماتُ العليّ القدير، وبركاتُه، وآياتُ منّه، ورأفته.   

          إنا لله وإنا إليه راجعون.

مقالات ذات صلة