رحلتَ والقلبُ بالإيمانِ ملآنُ…في ذمةِ الله شيخَ العلمِ عثمانُ
وصلتُ الموصلَ من بعد ظهر يوم السبت الثاني من الشهر الجاري. وبعد اتصال هاتفي، قصدني للفندق حيث أقيم، الأستاذ الدكتور يونُس طُرگي سلّوم البجّاري ، أستاذ الأدب الاندلسي في جامعة الموصل، وبصحبتة إبنه الدكتور مصعب. شكرتُهما على مبادرتهما الأخوية. وبعد استراحة وتناول الشاي، وتبادل إهداءات الكتب، توجهنا لجولة في المدينة. بعض المواقع التي شملتها الجولة كانت باقتراحهما، ومواقع أخرى باقتراح مني.
اقترحتُ زيارة أطلال سجن المَحْجَر الذي أمضيتُ فيه حوالي سنتين، معتقلاً سياسياً، واقترحت زيارة موقع تمثال الشيخ عثمان الموصلي. وزيارة موقع فندق المحطة، الذي يعود لمؤسسة سكك الحديد العراقية.
وانطلقت بنا سيارة الدكتور يونس طرگي يقودها الشاب مصعب يونس
طرگي. زرنا مواقع اقترحوها، فيما توجهنا لزيارة مواقع اقترحتُها. وكانت
الحصيلة:
★ سجن المحجر مجرد اطلال تم تسييجها وأصبحت مِكَبّاً للنفايات.
★ تمثال الشيخ عثمان الموصلي ، تم نحت نسخة جديدة ووضعت في
إحدى الحدائق القريبة من الموقع القديم.
★فندق المحطة.. أشار دليلنا إلى بناية بعيدة نسبياً عن موقف معاينتنا، وهي تحت الانشاء. وقال: ذلك هو الفندق الذي تودون زيارته. عندها عدتُ إلى ذاكرتي وأرشيفي.
عام 1971 ، عملتُ مهندساً في مطبعة جريدة الثورة. وبعد مدة نُقلت إلى مؤسسة السياحة في وزارة الثقافة والإعلام. وفي الموقعين تعرفت على المهندس اللامع سامي يوسف. وهو من مهندسي الوزارة. وذات مرة أخبرني المهندس سامي بأنه سيسافر إلى الموصل لنصب تمثال الموسيقار عثمان الموصلي.
وفي أيلول عام 1972 ، كنتُ في زيارة عائلية لمدينة الموصل. وساعدني مراسل جريدة الثورة في الموصل الصحفي عبدالوهاب النعيمي، بأنْ حجزَ لي في فندق المحطة. وفي الذهاب من الفندق وفي العودة إليه، كنتُ أتوقف أمام تمثال الراحل الموسيقار عثمان الموصلي. كما كنتُ أتطلّعُ إلى التمثال من شباك غرفتي في الفندق.
ولكن من هو الموصلي؟. المصادر ذات الصلة تجيب: عام 1854 للميلاد ، الموافق 1271 للهجرة ، وفي مدينة الموصل ، ولد الشيخ الملا عثمان بن الحاج عبدالله الموصلي ، الموسيقار والأديب والشاعر المتصوف . وحمل الشيخ
عثمان ألقاباً عديدة. منها: الحافظ، لحفظه القرآن عن ظهر قلب. و”عثمان دده”، بعد انتسابه إلى المولوية. وهو اصطلاح صوفي ، بمعنى الجَد. ويطلق على شيوخ الطرق عند المولوية والبكتاشية. توفى والده وهو في السابعة من عمره. وأصيب الطفل عثمان بمرض الجدري الذي أفقده البصر. لاحظوا عليه علائم الذكاء والنبوغ، وسرعة الحفظ وقوة الذاكرة. سافر الشيخ عثمان إلى بغداد. وأقام
في بيت الشاعر احمد عزة باشا العمري.
وفي بغداد درس علم الفقه والحديث. عام 1923 ، انتقل الى جوار ربه. ورثاه الشاعر عبدالرحمن البناء البغدادي، بقصيدة. هذا مطلعها:
رحلتَ والقلب بالإيمان ملآنُ
في ذمة الله شيخَ العلمِ عثمانُ
رحم الله الجميع