..وتكرُّ مسبحةُ الذهب، لتنبجس عيونُ ذكرياتِ ماضٍ عتيدٍ، بجمالاتِه “الّلاتُحصى”، وبكلِّ ما فيه من تضحياتٍ صحافية، وأدبية، وثقافية، كانت في عمومها زادَ مَنْ يَنشدون لبلادهم المنَعَةَ والكبرياء، ولشعبهم الرَّغدَ. وهاهم يستخدمون “آخر وسيلةٍ لتجديدِ الأنفاس”، بتعبير رسالة د. عبد المطلب محمود العبيدي، و”استعادة بعض الهناء والسعد”، وفقاً لرسالة د. كاظم مسلم العامري.
وإليكم رسالتيْ “أبي يزن” و”أبي أحمد” حسب زمن وصولهما، وسجّلا فيهما بمداد الألفة، والودّ، تعقيبين نبيلين على ما ورد في “رسالة بعد منتصف الليل”…من وحي الاشتياق وانثيالاته..
“تجديد الأنفاس”..
سلام الله عليكما صديقيّ الرائعَين..
سلام على قلبيكما إذ ينبضان بالشوق والمحبة والشوق والحزن والشوق والأمل..
سلام على شجن يُسعد ولا يؤلِم إلا قليلاً.. لمن أراد أن يجعل من الرسائل آخر وسيلة لتجديد الأنفاس في رحلةٍ بدأت تلهث لطول دربها وما حملت من أثقال وحفلت به من متاعب.
لقد كشفتما يا صديقيّ وزميلَيْ سنين الألفة عن مشاعر جعلتني كمن صحا من سُباتٍ بعد نصف قرن لا (٣٠٩) من السنين التي نامها فتية الكهف أولئك، لأدفع بما تبقى من أشواقي إليكما ومعكما.. ليكون لي بعض “حظ” من سعادة عناق عبر التواصل بدلاً من الركون إلى ضجر لا يلائمني.
أظنك يا صباح فزتَ ب(برقية)*، وفتحت بها نوافذ سوف تضيف مزيداً من صحوٍ في قلوب أصدقاء ومحبّين كثر… ومحبّة.
د. عبد المطلب محمود العبيدي
بغداد 8-أيلول-202
“استعادة الهناء”
رسالتان لكفاءتين غدر الزمان بهما وهبا على وجه الأرض يطلبان الصحة والامان فإنّ القابض على وطنيته كالقابض على جمر الغضى بيديه، وحتى لو مكثَ الانسان الى جانب شلال النار المشتعل في ارض النفط والشعب الذي كوّنه العنف والحروب وضغط السنين، فلابد من ان يصيبه شرر الفوضى والصراع الدامي والقتل على الهوية..
كنّا أيام زمان قبل أن تتسلل الحروب وثقافة الريف الى المدن نرى بغداد وغيرها من مدن العراق تسبح بالامان، ويتمتع الانسان فيها بالهناء والسعد بالرغم من فقر الحال وضيق ذات اليد. فلمجرد أنْ يمرَّ المرءُ بشارع ابي نؤاس ويسمع اغنية ام كلثوم يا ظالمني ياهاجرني، يطرب مع أنّه لا يعي اسباب الظلم والهجر!.
الحقيقة انا حزين مرتين لحال الناس والوطن ولتشتت أصدقائي وتناشز الناس فيما بينهم وفرِحٌ لاني التقيت بصديقين هما بلسمٌ شافٍ من الجراح، ففي يوم ما تسلل الى سمعي صوت الصديق العذب الاستاذ صباح اللامي.
وقال لي: “مساء الخير ابو جويدة”
وهو الاسم الجميل الذي يُفضّل أن يخاطبني به تصغيراً للتحبيب بالرغم من أنّ لي ولداً طبيباً وبنتين احداهما مهندسة والثانية متخصصة بالاشعة والسونار ولي ولد آخرُ يناضل في الصف السادس العلمي.
لكم منّي ايها الحبيبان اللامي وآل جلال بستان وردٍ واطيب العطور الفرنسية والايطالية.
وأضاف “أبو أحمد” جملة لا نقوى على إغفالها: “كلنا معك، لا مع غيرك، لأنك العراق، وما ضمَّ من أهله الطيبين”*..مع محبتي.
د. كاظم مسلم العامري
النجف 8-أيلول-2024
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
**نرجو لمجمتعنا الصحافي، الثقافي، الأدبي، والأكاديمي أيضاً أنْ يواظب على المشاركة في “البوح” الإنساني الجميل الذي يعرّف جيلاً من الشبّان، بما هم عليه، أهلُ القلم، بل أهل القلوب التي نزفتْ مِدادَ عشقها للعراق، كل العراق..