د. أكرم لـ”برقية”: فقط حزينٌ على ما أصاب بلادنا من فوضى وتخلّف وتخلخل في البنية المجتمعية!


أنا اليوم، بإزاءِ شخصية يمكن أنْ أصفها بـ”الاستثنائية”، إذ من النادر جداً أنْ يُغرَمَ امرؤٌ بالتحصيل العلمي الأكاديمي على غرارِ ما فعلهُ الدكتور أكرم عبد الرزاق المشهداني، فهو الآن (اللواء المتقاعد، المستشار الحقوقي، الدكتور، والصحافي، رئيس التحرير)، فسيادتُهُ، ما إنْ تخرّج من كليّة الشرطة، حتى حازَ شهادة بكالوريوس الحقوق، ثم أردَفها بشهادة بكالوريوس في الأدب الإنكليزي!.. ولم يكتفِ بذلك إذ مضى إلى شهادة بكالوريوس الإعلام، ثم أخذَهُ الطموحُ إلى بريطانيا، ليحوز شهادة الماجستير في السياسة الاجتماعية. وختمَ مساره الأكاديمي بالدكتوراه في علم اجتماع الجريمة، وانتهى الى الدرجة العلمية الأكاديمية “أستاذ مشارك”. تجدون تفصيل ذلك كله في خلاصة سيرته. وما فتئ صديقنا العزيز الدكتور أكرم المشهداني، يكتبُ المزيدَ من المقالاتِ التي اعتادَ على نشرها في الصحف، فضلاً عن تأليفهِ 13 كتاباً في عديدِ اختصاصاته، ووعود العطاءِ لا ينقطعُ سيلُها إنْ شاء الله.
أقول وبثقة: إنّ الانضباط، المثابرة، تحمّل المشاق، المرونة في الأداء والقدرة غير العادية على التكيّف مع بيئات أكاديمية متباينة، وإنْ بدت فعلياً وفي النتائج ذات وشائج قوية، هي خلاصة ما استقرأتُه في شخصية الدكتور أكرم، ضابطَ شرطةٍ مثقفاً، وحقوقياً، وكاتباً صحافياً، ومؤلفاً. وبهذا فهو ينظر إلى أي مشكلة من زوايا متعدّدة، بحكم ما يمتلك من عديدِ أدواتِ الفحصِ والتدقيقِ والملاحظةِ، فالتنوّع الأكاديمي يمنحه إمكانية ابتكار حلول غير روتينية!. أضف إلى كل ذلك، إنّه بالأساس شخصية متفانية، مُجتهدة، وذات “كاريزما” تتسم بما فيها من آيات التواضع، والدعةِ، وتجنّبِ الركون إلى الخصومات الشخصية، والجدال السلبي، والخوض في ما لا علاقة له بحياة الناس وتقدّم حياتهم.
يُسعدني جداً أنْ أقدّم الدكتور أكرم عبد الرزاق المشهداني لقراء برقية في هذه المقابلة التي سُررتُ جداً بما في إجاباتها من تداعياتٍ سوسيولوجية، هي بالتأكيد جزءٌ من اختصاصه العلمي:

**”برقية”: أعود بك الى أيام النشأة الأولى في كرخ بغداد. ما الذي يجعل مشاهير هذا الصوْب يفخرون بكرخيّتهم، بينما لا يلهجُ الرصافيون بصوْبِهم؟
ــــــــــــــــــــــــ د. أكرم: ولدتُ عام 1948 في محلة “سوق الجديد”، بكرخ بغداد.. وملاحظتك بشأن تميّز أهل الكرخ بالتفاخر بكرخيتهم ملاحظة ذكية جداً، وجديرة بالانتباه والفحص، رغم أنّ كلا الصوبين انجبا علماء وادباء وشخصيات مرموقة ومعروفة في شتى الاختصاصات، ولعل الوضعية والتركيبة العُمرانية والحضرية لها دور في ذلك، فمحلات الكرخ نسيج متصل متشابك متميز من المحلات والازقة والدور المتقاربة والمتلاصقة تبدأ بالصالحية والشواكة جنوباً، مرورا بالشهداء والشيخ بشار وسوق حمادة وسوق الجديد والست نفيسة وخضر الياس والتكارته وتنتهي بالجعيفر والرحمانية شمالاً، وقبل ان تولد الاحياء الحضرية الجديدة في الستينات وما بعدها، وهذا ما انتج نسيجاً متشابكا من العلاقات الاجتماعية.
وقيل إنك تستطيع من خلال تسلق جدران سطوح الدور في أحياء الكرخ ان تتنقل بسهولة ابتداء من سوق الجديد الى الجعيفر وسوق حمادة والشيخ صندل والشيخ على والمشاهدة!! بينما احياء الرصافة متقطعة غير متصلة تفصلها مجمعات حكومية ومجمعات تجارية واسواق كبيرة فالتواصل بين احياء الرصافة بالرغم من سعتها وتباعد اطرافها، كان أضعف من تواصل أحياء ومحلات الكرخ.
وهذ لا ينفي ان هناك من ابناء الصوبين من عُني بتوثيق وتعريف احياء بذاتها من احياء الرصافة مثل من كتب عن (باب الشيخ) و (الفضل) و(فضوة عرب) و(الباب الشرقي) و(الدنكجية) و (الوزيرية) و(احياء الكرادة) و(البتاويين)، وعشرات الكتب عن (الأعظمية والأعظميون)، مثلما كتب كرخيون عن (سوق الجديد) و (الجعيفر)، و (كرادة مريم)، و(سوق حمادة) و(الشواكة)، و(الأرضروملي) وغيرها.. في نطاق ما يمكن ان نسميه (أدب الأماكن والمحلات) او (ادب الحنين الى الأماكن) على غرار (أدب الرحلات).. وكنت في عمر مبكر اسمع من البعض فأتعجب!! حين يقول بعض الكرخيين (إني لأشعر بالاختناق حين انتقل للرصافة) والعكس صحيح، فأهل الرصافة يعتزون برصافتهم ويتغنّون بها ويشعرون بالراحة والسعادة في ربوعها. وهذا أمر محمود.
اعتقد، إنه الحس الفطري في سائر أبناء البشر يوم يودعون. مكاناً ألفوه، ومسكناً سكنوه، وخيمة استظلوا بسقفها، ورفقة رافقوها وملاعب لعبوا في سوحها، الى غير ذلك مما يكون له وجود يقترن بسائر الحواس والضمائر والامزجة والاذواق والهموم والشجون.. فالإنسان عاطفة بالمرتبة الأولى، وعقل بالمرتبة الأخرى، ولن يغلب العقل العاطفة الا عند فتور العاطفة وسكوت قِدْرِها عن الغليان!.. ولعل أهل البوادي اشد الناس تشبثاً بالعاطفة رغم سذاجتها، فها هي ذي البدوية التي اسكنها زوجها الخليفة قصراً في دمشق راح يشتد حنينها الى كوخ اهلها في البادية فتقول:
لَبَيْتٌ تخفقُ الارواحُ فيه… أحبُّ إلَيَّ من قصرٍ مُنيف
والعلاقات المكانية من شأنها أن تومئ الى العلاقات الوجدانية فما تنقطع صلة هذه بتلك ولا تلك بهذه، فلقد قال الشاعر:
ما مَرَرْنا بدارِ زينب إلاّ … فضَحَ الدَمعُ سِرّنا المكتوما
ومن هنا اشتد بكاء عشاق العرب على الاطلال والنؤى والاحجار، فذاك مما تتداعى به على النفس ذكريات تليها ذكريات، وترتسم في الذهن منه احداث وأحداث.

**”برقية”: سيادتك لواء شرطة ودكتوراه حقوق وعلم اجتماع وصحافة.. ولك في كل ميدان من ميادينها نصيبٌ نحترمه ونوقّره. كيف ترتّب ميلَك.. ولماذا؟
ـــــــــــــــــــــــــــ د. أكرم: لا تسير أمور الحياة دائماً كما يتمنّاها المرءُ، فقد نشأتُ منذ بواكير طفولتي عاشقاً للإعلام والصحافة، ومارستهما هاوياً، وأنا بعمرٍ صغير.. كنتُ أتابع مجلات الأطفال العربية وبالأخص (سمير) و(السندباد) أواسط الخمسينيات وتابعتُ الصحف العراقية، وكتبتُ لأول مرة في جريدة (الأخبار) البغدادية عام 1960 التي يرأس تحريرها الشقيقان جوزيف وجبران ملكون وأنا بعمر 12 عاماً. وأطلقا عليّ لقب (الصحفي الصغير)، وكتبتُ تعليقاتٍ ومواضيع قصيرة ورسائلَ قرّاءٍ في العديد من الصحف والمجلات داخل العراق وخارجه.
كما كنتُ في صغري أصدرُ مجلاتٍ ورقيةً مكتوبة ومرسومة باليد ومستنسخة بورق الكاربون، أوزّعها بين الأصدقاء في المحلة، وكان بعضهم يعرضها على آبائهم، كما كان يفعل صديقي وجاري رياض ابن الأستاذ المرحوم عبد الأمير العكيلي، الفقيه القانوني العراقي المعروف ورئيس الادعاء العام. كما أنّ هواية المراسلة جعلتني أرسلُ هذه المجلات الورقية عبر البريد إلى أصدقاء في مختلف البلدان العربية. وتطوّر الأمر إلى أن تتشكّل مجموعة من الأصدقاء من هواة الصحافة من مصر والأردن وسوريا.. بادرنا لإصدار مجلة ورقية مشتركة). كانت تصدر بالتناوب، كلُّ عددٍ يصدر من دولة عربية يتولّاه الصديق الساكن في ذلك البلد، ونشارك بالتحرير فيه. ويقوم الصديق بالتوزيع بين باقي الأصدقاء في المجموعة. كما كنتُ أرسل المجلة الورقية التي أصدرها إلى رئيسة تحرير مجلة “سمير” (نادية نشأت) حفيدة مؤسس دار الهلال. وكانت تهتم بها كثيراً ووصلتني رسالة منها مكونة من 16 صفحة مكتوبة باليد تتضمّن ملاحظات ونصائح، وهو أمرٌ يُحسبُ لهذه المرأة الرائدة.
ولم تقتصر قراءاتي على المجلات المنوّعة بل تابعتُ قراءة مجلات عربية متميزة على رأسها “العربي” الكويتية أيام المرحوم أحمد زكي منذ أعدادها الأولى وتابعت مجلات الثقافة والرسالة والمصور وآخر ساعة والمختار والمجلات اللبنانية.. وفي المدرسة المتوسطة والثانوية كنتُ مسؤولاً عن تحرير وإصدار وخط ورسم نشرات الحائط المدرسية من ألفها إلى يائها.. ومنحني المرحوم هاشم الخيّاط، رئيس تحرير جريدة (النشاط المدرسي) الاسبوعية صفحة كاملة أحرّرها كلَّها.
كما اقترنت هواياتي تلك بهواية التعارف والمراسلة البريدية حيث تراسلت مع اصدقاء من شتى اقطار الوطن العربي والبعض منهم وصلوا لمناصب مرموقة في بلدانهم والبعض الاخر مازال يتواصل معي في المناسبات وهناك منهم من زار بغداد ليلتقيني.
لذا كان المقرّبون مني والذين يعرفون هوايتي وتطلعاتي يتوقعون لي ان اتجه للصحافة عند اكمال الثانوية لكنهم تفاجأوا بتوجهي نحو كلية الشرطة التي كان في عام تخرجي 1966 قد اعلنت عن نظام جديد يمنح المتخرج شهادتين الاولى في الحقوق والثانية في الشرطة.. حتى ان احد اقاربي وهو محام مرموق ومعروف كان قد وعدني بان يهديني مكتبته التي تضم جميع الصحف والمجلات العربية مجلدة بشكل جيد، لتكون مرجعا لي في عالم الصحافة لكنه تفاجأ من توجهي الشرطوي!.

لكنّ طموحي الإعلامي ثم يمت في ظل التحاقي بمسلك الشرطة، فقد ساهمتُ في الكتابة بمجلة كلية الشرطة، وأنا طالب في الكلية، كما ساهمتُ بالكتابة في مجلة الشرطة العراقية العريقة.. وفي عام 1983 أصبحتُ رئيساً لتحرير (المجلة الجنائية) من مكتب التسجيل الجنائي لمكافحة الإجرام. وفي أواخر التسعينات أصبحتُ رئيساً لتحرير (مجلة الشرطة) العريقة التي عادت بعد انقطاع بسبب ظروف الحصار، وكانت تُطبع بـخمسة آلاف نسخة، وتُرسَلُ نسخٌ منها لوزارات الداخلية العربية، واستمرّت بالصدور حتى عام 2003.
أما طموحي الأكاديمي فلم أكتفِ بشهادة الحقوق التي كانت هي مؤهل العديد من كبار الصحفيين العراقيين، فقد حصلتُ على شهادة البكالوريوس في الإعلام/ الصحافة من كلية الإعلام 1990 بتقدير عالٍ، كما أن أطروحتي للماجستير من جامعة كرانفيلد ببريطانيا كانت في مجال استخدام الشرطة للإعلام التلفزيوني والإذاعي لإشراك الجمهور في معاونة الشرطة في جهودها لكشف الجرائم، وتناولت برامج تلفازية شهيرة، ومنها برنامج (Crimewatch UK) الشهير حتى اليوم بالتحقيق (تحليل مضمون) ومتابعة تأثيرها الإعلامي ودورها في كشف الجرائم الغامضة.
واليوم فإني أفخرُ بأني كتبتُ ما لا يقل عن 700 مقال ودراسة في مختلف الصحف العراقية والعربية. وأنا مستمرٌ في صلتي بالصحافة ووسائل الإعلام لأنّ عشق الصحافة ليس ككلّ عشق!
اما عن سؤالك كيف أرتب ميولي واهتماماتي: فانا أؤمن اننا نعيش في (عالم الموسوعية)، فالحقوق شهادة تمنحك خبرة في الحياة والتعامل الإنساني وحدود المسموح والممنوع، أما (الإعلام) اليوم فهو الكون كله والانفتاح على الآخر، أما (علم الاجتماع) فيسميه كثيرون بأنه (علم كل العلوم).. أما (الإنكليزية) فهي مفتاح العلوم والمعارف اليوم، وبالتالي لا اشعر بالتناقض بين التخصصات التي نلت شهاداتي فيها، بل اشعر بالتكامل النسبي.
**”برقية”: لكم نظرة في التحليل السوسيولوجي، فهل الغربة تصحّي الوجدان الوطني اجتماعياً أم تسْحَق أنَفَتَهُ بتهديداتِ الإقامة وغيابِ الألفة وتراجع انتماء الترابِ والماءِ ودفءِ البيئة؟
ـــــــــــــــــــــــــ د. أكرم: سؤال عميق ومثير للتفكير! الغربة يمكن أن تؤثر في الوجدان الوطني بطرق مختلفة. من جهة، قد تعزز الشعور بالانتماء للوطن وتزيد من التقدير للثقافة والتقاليد الأصلية، خاصة عندما يواجه الشخص تحديات في بيئة جديدة. من جهة أخرى، وقد تؤدي الغربة إلى شعور بالانعزال والحنين، مما قد يضعف الروابط الوطنية بسبب غياب الألفة والبيئة الدافئة.
هل لديك تجربة شخصية مع الغربة؟ وكيف أثرت عليك..
نعم ارى ان الغربة والاغتراب القسري عن الوطن، هو قرار مفروض علينا واجبرنا واضطررنا عليه، خاصة وان العراقيين مشهورون بمرض (الهومسك) الأزلي.
أنا أفهم وجهة نظرك تماماً. الغربة يمكن أن تكون تجربة قاسية تؤثر في الشعور بالانتماء والهوية الوطنية. التحديات التي تأتي مع الإقامة في بلد جديد، مثل غياب الألفة والبيئة الدافئة، يمكن أن تجعل الشخص يشعر بالانعزال والحنين لبيت الراحة والوطن.

**”برقية”: لماذا فضّلت التأليف في حقائق قصة (أبو طبر) سفاح بغداد؟ هل بدوافع الإثارة؟ أم العبرة؟ أم ماذا؟
ـــــــــــــــــــــــــــ د. أكرم: حوادث أبو طبر التي هزت امن العاصمة وارعبت العوائل صيف عام 1973 وحيكت حولها اشاعات وروايات وتأويلات، واحدثت رعبا جمعياً، وكانت نموذج اجرامي طارئ على المجتمع العراقي، بأسلوب التنفيذ (جريمة سادية ووحشية، جريمة منظمة، قتل متسلسل، جريمة عائلية)، كنت حينها خبيرا جنائيا في دائرة التحريات الجنائية وبرتبة ملازم اول، وعايشت الحدث ووثقته. والجريمة في وقتها هزت النظام الأمني بعنف، في وقت حرج، فاضطر للاستعانة بخبراء أجانب للتوصل الى الفاعلين، فضلا عن القيام بحملة منع تجوال وتفتيش عام للمساكن في بغداد، وقد جرت محاولات لتشويه الحقيقة والزعم بان هذه الجرائم من صنيعة السلطة آنذاك لتصفية خصومها، وليس دفاعا مني عن السلطة آنذاك فليس بين جميع الضحايا أي سياسي او مناوئ للسلطة بل عوائل بسيطة لا تمت للسياسة بصلة. والسلطة لم تكن بحاجة لتجند مجرم سادي يقوم بتصفية من تريد بالنيابة عنها. فدفاعا عن الحقيقة لجأت لتوثيق قضايا أبو طبر وعرضها لإثبات حقيقة انها جرائم عادية وليست مسيسة ولا مفبركة.
**”برقية”: لماذا برأيك لم تفكر (أحزاب السلطة) في العراق، بسياسات مدينية، عَلمانية، تواؤمية؟ هل بتأثيرات إيرانية أم بفوضى أميركية؟ أم أن تخلّفها السياسي وراء ذلك؟
ـــــــــــــــــــــــــــ د. أكرم: أمريكا حين احتلت العراق لذرائع كاذبة، اعترفت هي بانها ذرائع غير صحيحة، ولم يكن قرار الغزو والاحتلال وليد يومه بل كان قرار متخذا من امد بعيد لتدمير العراق الذي تجاوز الخطوط الحمراء من وجهة نظرهم في اكثر من مجال. وقد اعترفت غونداليزة رايس مستشارة الامن القومي بخلق الفوضى الخلاقة كما اسمتها. والتاثيرات الامريكية الإيرانية توافقت على نشر الفوضى، فضلا عن ان الولايات المتحدة ومن معها من قوات التحالف آثرت على مكافاة من تعاونوا معها في احتلال العراق وتجاهلت الكفاءات العراقية الوطنية، وما زالت أمريكا وايران هما السبب في كل ما أصاب العراق والسماح بنشر الفساد والتخلف وتخريب البنية المجتمعية للبلاد.
**”برقية”: أفهم من صميم العلاقة الراقية معكم لعقود أنكم إنسانٌ ناجح وموفق، والحمد لله، في ميادين المهنة والدراسة والشغف الثقافي. ما الذي تحزنون على فواتهِ لكم أو فواتُكم له؟
في البدء اشكرك استاذي على تقييمك الشخصي لي وحسن ظنك بي، ونحن بيننا علاقة صداقة طيبة وراقية – كما وصفتها انت – منذ سنوات التسعينات، وكنا نتناقش ونتحاور في الشأن العراقي الأمني، وسبل تعزيز الامن المجتمعي وكنتم تنشرون بعض محاور واطروحات المناقشة في عمودكم بجريدة الجمهورية.
أما الجانب الاخر من سؤالكم عن الذي احزن على فواته عني او فواتي له، ففي الجانب العام احزن على ما أصاب البلاد من فوضى وتخلف وتخلخل في البنية المجتمعية وانتشار للجرائم بمختلف أنواعها وبالأخص الغريبة والدخيلة على مجتمعنا وفي المقدمة منها الفساد المالي والسياسي، وانتشار آفة المخدرات بعد ان كان العراق من البلدان النظيفة منها بشهادة المنظمات الدولية، اما على المستوى الشخصي فاني احزن لما اصابني من اذى وظلم من قبل قوات الاحتلال الأمريكي بوشاية عراقية خبيثة وحَقُود، وزجي مع عدد كبير من اخواني ضباط وقادة كلية الشرطة في الاعتقال علما جميعهم من حملة الشهادات العليا، بتهم باطلة ومفبركة، بقصد ابعادنا عن الواجهة وليخلو لهم الجو في الفساد والفوضى واستغلال السلطة. وأتمنى ان يعينني الله ويمهلني لانجز المؤلفات التي شرعت بكتابتها وتأليفها لتكون ذخيرة وإرثاً لمن يأتون بعدنا في ايصال خبراتنا ونشرها لمن يستحقها ويستفيد منها لخدمة البلاد.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السيرة الذاتية للدكتور أكرم عبدالرزاق المشهداني
• محل الولادة بغداد الكرخ سوق الجديد في عام 1948.
التحصيل العلمي والدراسي:
• اكمل الابتدائية والمتوسطة في مدرسة التربية الاسلامية والثانوية في اعدادية الكرخ/ الأدبي بين (1954 الى 1966).
• دخل كلية الشرطة عام 1966 وتخرج فيها عام 1969.
• حاز شهادة بكالوريوس في الحقوق من الجامعة المستنصرية 1971.
• حاز شهادة بكالوريوس في الادب الانكليزي من الجامعة المستنصرية 1978.
• حاز شهادة بكالوريوس في الاعلام من قسم الاعلام بجامعة بغداد 1990
• حاز شهادة الماجستيرMPhil من جامعة كرانفيلد في بريطانيا UK بالسياسة الاجتماعية.
• حاز شهادة الدكتوراه في علم اجتماع الجريمة من جامعة بغداد بتقدير امتياز 2001.
الدرجة العلمية الاكاديمية: أستاذ مشارك، دَرَّسَ في العراق والأردن واليمن وقطر والبحرين واشرف وناقش العديد من أطاريح ورسائل الدراسات العليا..
الاصدارات والمؤلفات:
13 كتابا منها (موسوعة علم الجريمة) و(تاريخ الشرطة العراقية) و(جرائم الاتجار بالبشر) و(استرداد الاموال المنهوبة بالفساد) و(جرائم سفاح بغداد ابو طبر) (علم اجتماع الشرطة) (اتجاهات الجريمة في الوطن العربي) و (الجرائم الالكترونية) و (مشكلات العلاقة بين الشرطة والاعلام)، (تأثيرات التلفزيون على الطفل). (شرطة البصرة)، (التزوير في المستندات)، (لأخلاقيات البحث العلمي) (حقوق الانسان والعدالة الجنائية)،(تعزيز قدرات الاجهزة الامنية لمكافحة الارهاب) وهناك مشاريع عديدة لكتب جديد وغيرها
لديه بحدود 700 مقال نشرت في مختلف الصحف والمجلات.

أما السيرة الوظيفية:
الوظائف التي شغلها: بعد التخرج من كلية الشرطة عمل ضابطاً في شرطة القوة السيارة 1969 – 1970، ثم عملَ خبيراً جنائياً في مديرية شرطة التحريات الجنائية 1970 – 1980.، فباحثاً ثم مديراً في مركز البحوث والدراسات بمديرية الشرطة العامة. بعدها تولى منصب معاون مدير الشرطة العام للحركات (1990 – 1993) ثم مدير شرطة محافظة بغداد 1993- 1994، فمعاون مدير الشرطة العام للبحث والتطوير. (1994 – 2000) وعُيّن بمنصب عميد كلية الشرطة العراقية 2000- 2003. وغادر العراق أثر الاحتلال الأمريكي عام 2003 الى الأردن ثم اليمن ثم قطر. اشتغل استاذاً محاضراً في كلية الحقوق بالأردن 2003-2004، فمستشاراً قانونياً لدى وزير الداخلية جمهورية اليمن 2004-2005. بعدها عمل مستشاراً قانونياً في وزارة العدل دولة قطر 2005 الى 2016. ثم مستشاراً قانونياً في وزارة الداخلية دولة قطر 2016- حتى الان، وشارك في أكثر من 50 مؤتمرا علميا في المسائل القانونية والاجتماعية والجنائية في العديد من البلدان وقدم فيها ابحاثا ودراسات. وهو خبير لدى مجلس وزراء الداخلية العرب ومجلس وزراء العدل العرب. وخبير محكم للجائزة العربية للبحوث الامنية مجلس وزراء الداخلية العرب. وخبير محكم للجائزة العربية لأفضل رسالة دكتوراه في القانون ضمن جامعة الدول العربية. وخبير مسجل لدى منظمة الامم المتحدة في مجال مكافحة الفساد.