تحقيق

دار رعاية المُسنّين في “الرشاد” ببغداد..جهود إنسانية بأقلّ التكاليف..

   تُعدُّ دار رعاية المسنّين في منطقة الرشاد شرقي بغداد، واحدة من دارَين حكوميتين تُعنيان بهذا الجانب من العمل الإنساني في العاصمة العراقية، أُنشئت وفقاً للقانون رقم (٤) لسنة ١٩٨٥ لتضمَّ كبار السن من عمر (٦٠) عاماً للرجال و(٥٥) عاماً للنساء، ممن يحتاجون إلى هذه الرعاية لأسباب عدة.

     ما دفعني إلى التذكير بوجود هذه الدار – شبه الغائبة عن كثيرين – حديث لصديق أستاذ دكتور في الجامعة التقنية الوسطى، كان رافق رئيس الجامعة في زيارة هذه الدار وتقديم هدايا لقاطنيها، وكذلك ما سمعته من أبناء أحد المسنين المستفيدين من خدمة الدار، تبيّن من كلام مُحدّثَيّ اتفاقهما على الإشادة بمدير دار رعاية المسنين في منطقة الرشاد، الشاب الذي وصفاه ب”الخَدوم النبيل” السيد علي عبد السادة الغرباوي، والعدد القليل من منتسبي الدار، موظفين وعمال خدمة (مُعينين وطباخين وغيرهم).

    فلأن الدار تكاد تكون الوحيدة في بغداد – عدا الدور الأهلية – صار العمل في مرافقها المختلفة جماعياً، لا يتردد مدير الدار وموظفوها الإداريون القليلون في معاونة العاملَين الوحيدَين بالأجرة اليومية، في أداء مهماتهما “الرعائية” المباشرة، من تبديل ملابس المسنين الرجال و”تحميمهم” وتغيير حفّاظات العاجزين منهم، وغير هذه من المهام، بينما لا تواجه قاعات النساء مثل هذه الحالة “التعاونية” لوجود مُعينات كافيات للقيام بالمهام المماثلة للمسنّات.

     ولا يقتصر اهتمام إدارة الدار بهذه الرعاية المباشرة فقط، بل يتعداه إلى متابعة نظافة الدار والعناية بحديقتها ومطبخها وبقية مرافقها، وإلى العناية بأمور قاطنيها الشخصية، الصحية والاجتماعية وحتى مراسم الدفن وإقامة مجالس عزاء لمن يختاره الله إلى جواره منهم، ممن لا أحد يعنيه شأنهم.

     ولأن التجارة كل ميدان من ميادين حياتنا، اكد لي الصديق الأستاذ الدكتور (غيث) ووافقه جاري الحاج  عباس في حديثهما، أن ثمة أكثر من دار رعاية مسنين غير حكومية انتشرت في أحياء بغداد، ربما وصل عددها إلى (٨) حتى الآن تقدّم خدمة الرعاية “على قدر المبالغ التي تستحصلها”، لكن دار الرعاية الحكومية التي تؤدي مهامها مجاناً، تتحمل جميع تكاليف الرعاية المادية، وأكثر من هذا تشهد جهوداً جماعية بلغت درجة كبيرة من الفهم الإنساني لمهام الدار، من مديرها ومساعديه من الموظفين والعاملين القليلي العدد، الذين لا يُقصّرون في أداء ما يزيد على واجباتهم، راضين بما “كُتِب” عليهم من مهام لخدمة شريحة مَن عجزوا عن مواصلة الحياة لوحدهم، وآملين أن تلقى الدار مزيد اهتمام رسمي، “يعينهم” على ما يؤدون من جهد إنساني بلا تردد.

مقالات ذات صلة