“جِدْر الحكومه چبير”..تقول مكتبية بصرية..وأم علي ومطبخها البصري المفتوح..
بقلم: عكاب سالم الطاهر*
كان ذلك، عام 1986 كنت في زيارة للبصرة. وقتها كانت الحدود الشرقية للعراق ملتهبة. وكلما ألقي فيها تصيح : هل من مزيد ؟!. وقد عبر البصري ابو محمد ، وهو عازف في فندق شيراتون البصرة ، واصفاً الحالة شرقاً بقوله : كانت المدافع تربد ربد ؟!.
على ضفة نهر العشار التقيتُها. كانت البصرية ام علي ، تفترش الارض ، وامامها مجموعة من الصحف.. اقتربتُ منها. وبعد التحايا باتجاهين سألتها عن عملها. قالت : زوجي بايع جرايد. والان قعيد البيت. فمارستُ العمل بدله. عدنه اطفال. سألتها : تعيشون من هذا العمل ؟. اجابت ، بلهجة بصرية محببة : يُمه .. جدر الحكومة چبير. كلنه ناكل منّه؟!. زرت البصرة مؤخراً. سالت عن المكتبية ، بائعة الجرايد ام علي. اعلموني الخبر المحزن. لقد انتقلت الى جوار ربها. رحمها الله.
•••
في زيارة ثانية للبصرة..
مدينة عتبة بن غزوان والفراهيدي والسياب..و..و..
بعد الافطار ، كنا في تجوال في شارع الفراهيدي الثقافي في البصرة. ويماثل شارع المتنبي في بغداد . فعاليات متنوعة يشهدها الشارع. الثقافة وما يتصل بها. كنا بمصاحبة ودلالة الصحفية البصرية الصديقة نُهرى المرجان.. ام مصطفى..
قبل انتهاء تجوالنا ، وقد تعدت الساعة الثانية عشرة ليلاً ، توقفت بنا الصديقة نهرى ، امام ما يمكن ان نسميه : المطبخ ، او المطعم البصري المفتوح. قدور من الدولمة. صحون من الحلويات. لفت انتباهي سيدة ضمن العاملين في هذا المطبخ. تقف تبيع .هي وابنها. اقتربتُ منها لأسألها عن عملها. قالت إن زوجها حارس. ولديهما ثمانية اطفال ومن هذا العمل يعيشون. عرضت عليها ان التقط صورة معها وابنها علي. .فلم تمانع . اعلمتها باني سانشرها في صفحتي وفي الجرائد..فلم تمانع ايضاً. سالتها : هل يستمر عملها ببيع الدولمة والحلويات بعد رمضان. قالت سنستمر بعد رمضان. ولكن ليومي الجمعة والسبت فقط. اضافة الى انني اجهز البيوت بناء على طلب.
شكراً..
صانعة الدولمة.. البصرية ام علي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*لأبي شاهين، الأستاذ عكاب سالم الطاهر، و”الطائر” المحلّق أيضاً برغم ثمانينيتهِ، سجيّةُ عفويةِ العلاقةِ مع الناس، عمومِ الناس، وله –وهو الذيقاري البهيج- ميلٌ فِطري، عفوي، أصيل نحو أهلينا بسطاء الناس في البصرة أو في الموصل، في الأنبار أو في كركوك، في بغداد أو في أربيل.. تجتذبهُ “عبقرية الكدْح” فتغريه بتسجيل اللحظة، ليُري ذوي “الأحداق الزجاجية” ما يعيش عليه “أبناء النفط” الذين يشربونه حنظلاً، ويشربُهُ بُغاة البلد أو أعداؤه شِرار الدنيا سلسبيلاً. أحيي صديقي أبا شاهين، وأرجو له تمام العافية… صباح اللامي