العراق

ثلاثية الظمأ والجفاف والتصحر..في بلاد ما بين النهرين!!

   تشكو بلاد ما بَيْنَ النَّهرين (العراق) الظَّمأ الَّذي وضعَتْه في المرتبة الخامسة بَيْنَ الدوَل الأكثر تضررًا مِنْه؛ بسبب أزمة التَّغيُّر المناخي الَّتي يعاني مِنْها العراق.

  ويُواجِه العراق شُحًّا مائيًّا يُعَدُّ «الأصعب منذُ ثلاثينيَّات القرن الماضي» كما وصفَتْه وزارة الموارد المائيَّة؛ بسبب تدَنِّي مناسيب مياه نهرَي دجلة والفرات، قابلَها ارتفاع دقَّات ناقوس الخطر تحذِّر من مخاطر نضوب النَّهرينِ وتصحُّر وجفاف ما بَيْنَهما من أراضٍ، في ثنائيَّة تعكس حال العراق وتحوُّله إلى بلدٍ يشكو الظَّمأ والجفاف والتَّصحُّر.

   ما يزيد من احتماليَّة نضوب النَّهرينِ هو ما ذكرته تقارير دوليَّة عن إمكان تعرُّض نهرَي دجلة والفرات إلى الجفاف بشكلٍ تامٍّ بعد ثلاثين عامًا، وهذا ما أكَّدته منظَّمة المياه الأوروبيَّة والمنظَّمة الدّوليَّة للبحوث في تقريرَيْنِ منفصلَيْنِ.

   وأدَّى الشُّح المائي إلى تقليص العراق للمساحات الزِّراعيَّة لموسمِ الصَّيف الحالي، ونتيجة لذلك تأثَّرت محاصيل عديدة خصوصًا محصول الشلب أو رز العنبر.

    ويرجع مختصُّون هذه الظَّواهر إلى قِدَم الخطط الزِّراعيَّة والاستمرار بعمليَّة هدر المياه، ما يعكس عدم وجود رؤية زراعيَّة حقيقيَّة ميدانيَّة لإدارة هذا القِطاع، ونتيجةً لذلك وصلَ حال الزِّراعة إلى هذا التَّدهوُر الخطير.

ويُجمع مختصُّون على أنَّ ملف المياه لم يَعُدْ ملفًّا فنيًّا للتَّعامل معه، بل أصبح ملفًّا سياديًّا سياسيًّا؛ لأنَّ الأزمةَ عميقةٌ وكبيرة تُنذر بمخاطر على الأمن المائي.

     وتكمن الإجابة لمواجهةِ ارتدادات أزمة المياه بالتَّحوُّل نَحْوَ طُرق الرَّي الحديثة باستخدام المرشَّات الثَّابتة والمحوريَّة، لكنَّها تعالج جزءًا من المُشْكلة لتقليلِ الضَّائعات المائيَّة؛ لأنَّ المُشْكلة الأساسيَّة هي شحٌّ مائي متصاعد منذُ أكثر من (5) سنوات، إلى حين وصلَ الخزين المائي إلى مستويات حرجة قد تدفعُ وزارة الموارد المائيَّة إلى اتِّخاذ قرار ردم البحيرات غير المجازة للمحافظةِ على المياه وتقنينِها.

    وطبقًا لواقعِ الحال لأزمةٍ مرهونة بمواقف دوَل الجوار العراقي الَّتي تستجيب لمناشداتٍ عراقيَّة بإطلاقات محدودة من المياه لا تُلبِّي حاجةَ العراق مِنْها، وهي غير ثابتة ومستمرة وغير مضمونة.

    ويرجع مختصُّون بالأمن المائي إلى ثلاثة أسباب لأزمة شُح المياه: التَّغيُّرات المناخيَّة الَّتي غيَّرت طبيعة المناخ والتَّساقط المطري وحرارة المنطقة، إضافة إلى الموقع الجغرافي رغم أنَّه مميَّز، والعراق دَولة مَصَب نهرَي دجلة والفرات ويتلقَّى المياه من تركيا بالدَّرجة الأساس ثمَّ إيران وسوريا. أمَّا السَّبب الثَّالث فيكمن في طُرق الرَّي البدائيَّة المستخدمة من قِبَل المزارعِين في العراق.

    ويُقابِل تلك الأسباب ثلاثة مسارات لحلِّ الأزمة هي: الأول

    إقناع دوَل الجوار المائي بمنحِ العراق الحصَّة المائيَّة العادلة وفقَ الاستحقاقات الطبيعيَّة، وتقاسم حصص المياه ضِمْن أُفق مبدأين، الأول: تبادُل المنفعة، والثَّاني: تقاسُم الضَّرر.

    والمسار الثَّاني: الإدارة المشتركة لحوضَي دجلة والفرات والرَّوافد المرتبطة بهما مع دوَل الجوار المائي.

     أمَّا المسار الثَّالث فهو التَّحوُّل نَحْوَ الرَّي والزِّراعة الذَّكيَّة باستخدامِ تقنيَّات الرَّي، وترشيد استخدام المياه، ونقلِ المياه بطُرقٍ أكثر حداثةً للزِّراعة المستدامة.

    واستنادًا إلى ما تقدَّم فإنَّ حقوق العراق وأمْنَه المائي، الَّذي يُعَدُّ أحَد أهمِّ مُقوِّمات ومرتكزات الأمن القومي؛ لأنَّ هذه الحقوق غير قابلة للتَّصرُّف لمواجهةِ تحدِّيات الظَّمأ والجفاف والتَّصحُّر.

مقالات ذات صلة