تحليل سياسي

ترامب .. تراجعات .. وماذا بعد ؟!

    أمام ضغط ورفض عالميين واسعين لتصريحات ترامب في تهجير أهالي غزة  ، واتهامه بالتطهير العرقي ..  تراجع ترامب وفق تصريحاته الأخيرة عن مشروعه غير الانساني والمخالف للأعراف والقوانين الدولية؟

   أغلب التحليلات السياسية سواء في الداخل الامريكي أو في الخارج تميل الى أنْ ترامب قد تراجع عن مشروعه ، في الوقت الذي لا يريد إعلان ذلك صراحة، فعمد الى التلاعب بالألفاظ والمراوغة اللغوية ، حين قال ( إنّه لا داعى للعجلة بشأن تنفيذ خطة غزة ، وأن ما طرحته بشأن غزة كان من زاوية تجارية تجلب السلام وسنعالج الأمر بروية) .

    ولم يتوقف الخبراء والمحللون عند تراجع ترامب هذا ، بل راحوا يعيدون النظر في مختلف تصريحاته منذ أن تولّى قبل ثلاثة أسابيع رئاسة الولايات المتحدة الامريكية ، في حين ردّ عليه الكثيرون الى حد اتهامه بالنرجسية القصوى ، فقبل ساعات من موعد بدء تطبيق الرسوم الجمركية الجديدة على البضائع المستوردة من المكسيك وكندا والتي اعلن انه سيفرض عليها ضرائب بنسبة 25%  وفي مقدمتها النفط الذي يشكل ربع مصدر المشتقات التي تكرّرها المصافي الأميركية، تراجع الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن توقيع القرارات الإجرائية لتنفيذ تهديداته، وذهب إلى التفاوض مع حكومتي المكسيك وكندا وتعليق القرار لشهر قابل للتمديد. واشارت مصادر اقتصادية أميركية ان تراجع ترامب يعود إلى مخاطر ارتفاع أسعار الوقود وتداعياتها على المستهلك الأميركي وفشل ترامب بتحقيق وعوده بتخفيض الأسعار، واكتفى ترامب بالحديث عن مكتسبات تشبه ما حصل عليه من بنما.

    وترامب الذي وعد بأن ينهي الحرب الروسية – الاوكرانية بعد توليه الادارة الامريكية في ( ليلة وضحاها ) لم يجد حتى الان طريقاً معقولاً للوصول الى سيناريو وقف الحرب ، تاركا الاعلام العالمي والامريكي بشكل خاص يتحدث عن فرصة للقاء بينه وبوتين ، دون أن تكون هناك أسس مرسومة للقاء ، وربما ذلك ما يبحث عنه ترامب ليتصدر الاخبار العالمية وعناوين الصحف في العالم .

 الا أن الامر الاكثر اثارة في تصريحات ترامب ، أنه حال إعلانه حربه الاقتصادية ضد الصين وفرض ضرائب كبيرة على الصادرات الصينية لأمريكا ، واقترح مواعيدَ لذلك ، عاد  ووقّع في السابع من شباط أمراً تنفيذيا يقضي بتأخير فرض الرسوم الجمركية على الطرود منخفضة القيمة الواردة من الصين الى امريكا ، فيما اختارت الصين أن تهاجم هي الأخرى في الحرب التجارية المُعلنة عليها، فبمجرد دخول قرار ترامب بشأن فرض 10% من ضرائب الجمارك على جميع واردات امريكا من الصين حيز التنفيذ عند منتصف الليل، ردت بكين صباحًا بالقول إنها ستفرض رسومًا بنسبة مماثلة وأعلى ونفذت ذلك فعلاً .

وازاء تصريحات ترامب ربما يكون ما قالته صحيفة الغارديان هو الاقرب الى تفسير اسلوب ترامب التهديدي ، فتقول الصحيفة (إنّ القانون الوحيد الذي يعرفه ترامب هو قانون الغاب. وأسلوبه في ذلك هو المعاملات بالإكراه بدل الدبلوماسية والتحالفات)، ويبدو أنّ ردود الفعل العالمية ازاء ما يطرحه ترامب قد جعله يتراجع او ، يسكت دون قدرة على الرد ، كما حصل عندما اعلن ان سيمنع منح الجنسية الامريكية لمواليد المهاجرين المولودين في امريكا ، ليأتيه الرد بأن منح الجنسية مادة دستورية امريكية ، ليصمت بعدها دون رد ، ولم يعلق على الامر ، وكان ذلك يمثل تراجعا خطيراً في افكاره وطروحاته وهروبا واضحا من المواجهة ، واعترافا بأخطائه وتسرعه .

مقالات ذات صلة