برقية إلى المبدع جواد الحطاب: موسيقى شعرِكَ ونثرِك لا تُشبِهُها إلّاك!
أخي الشاعر المبدع جواد الحطاب، الباقي على “عهد القصيدة”:
ما قلتَه، وقرأتَه، وأنشدتهُ في حوارك مع “الرابعة”*، مؤنسٌ ومثيرٌ للشَجَن وأكادُ أحسُّ بنبضِك الشِعري الحطّابِي على معصمِ يدي، كلما ذكَرَتَ الفقراءَ، والبصرةَ، والعمّالةَ، والصرايفَ. وأنتَ بإلقائكَ الحفيِّ بالتوجّس والصَّهيل تنتضي ريشتَكَ مجدّداً لتُجندل المسافةَ بين نثرك وشعرك، مبتدعاً نسقاً بهيّاً من موسيقى الكلمات، لا يشبِهُهُ إلّاك ، فأنتَ “بِنية شاعرٍ” لم تقوَ خرافاتُ الأيام المُرة على هدم جبلّتها الموشومة بنجيع البصرةِ وجمّار نخيلها و”غُبشة” مَسْطَرِ الذين (يبيعون أذرعَهم) كما يصفُ سعدي يوسف العمّالة في قصيدة “تحت جدارية فائق حسن”، لكنّهم يبنون في امتدادات فيافي قلوبهم جنائن معلقاتِهم. أنا -صديقي العزيز- مؤمنٌ بشاعريتك منذ أنْ تفجّرتْ نوافير “نثرك المحنَّك” في يوميات فندق ابن الهيثم ، ولم يُنكر إحساسي يوماً فذاذةَ لغتِك وموسيقاك الشعرية وإيقاعاتِ روحك.
صباح اللامي-كندا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
🙏 شكراً لأخي الحبيب، أبي لبيد، د. هاني عاشور الّذي حرّضَني مِنْ “عمّان” الحبيبة على رؤية الحطاب، وهو يعيد الى الشعر بهاءَه في بغدادَ “بنتِ الدنيا” التي تكاد تُفلتُ من فلكِ القصيدةِ لتقعَ صرعى كلابِ البراري!.
*في قناة “الرابعة” قدّمَ المحاور الأستاذ علي صادق “قصّته مع الشاعر الكبير جواد الحطاب” بنصّ شديد الذكاء، والجمال، يعبِّر عن إحساس مُرٍّ بجيل كاملٍ من الشعراء والأدباء والمثقفين العراقيين، ويتناغمُ النصُّ مناخاً، وأداءً لغوياً مع مناخ “شِعريّة” الحطّاب، وأبجدية إيقاعاتِ نثره، وشعره، وأدَبِ براءةِ طفولته التي ما فتئ يعيشُ فُتْنَتَها. قال صادق:
“هذه النسخةُ الأخيرةُ منك، رغم أنها الأكثر حزناً، ولكنّها الأكثرُ سلاماً، لعلّك تدركُ الآنَ أنّ معظمَ الأشياءِ التي حاربتَ من أجلها لم تكن تستحق. آراؤك القديمة ليس بك الآن أدنى رغبةٍ للدفاع عنها بعد أنْ أثبتتْ السنين أنها لا تعني شيئاً، والذين قلتَ أنهم استثنائيون، وأنّ الدنيا لن تستمر بدونهم، ها أنت قد نسيتَهم منذ زمن، وها هي الدنيا، تستمر بدونِهم، أو بدونك، أو بدون كل أحدٍ… النسخةُ الأخيرة منك، هي أنت”.
وكنتُ قد اتّصلتُ هاتفياً في وقت متأخّرٍ من ليلة أمس بتوقيت بغداد، لأتأكد من مِلْكية “نص المقدِّمة”، ففاجأني الصديق الحبيب “أبو تبارك”، بأنه من نسج الأخ علي صادق، فله التحية.