فكر

الولادة من خارج الرحم

      إنَّ تشخيص ما أنتجته (الديمقراطية العراقية) من أضرار لا يعني -على أيِّ مستوى- الدعوة أو التبشير للدكتاتورية. وليس خطأ بالتالي دعوة المثقفين إلى التفكير بقيام نظام بديل يأخذ بنظر الاعتبار سيئات كلا التجربتين السابقتين للخروج بتجربة ثالثة.

ما لدينا الآن ليس ديمقراطية بالمعنى الصحيح وإنما هي أقرب إلى أنْ تكون (خَمْطو-قراطية).

    وليس خطأ على سبيل المثال الدعوة إلى ضرورة تشكيل حكومة إنقاذ مشروطة من ناحية البرنامج ومرحلة الانتقال, كما أنَّ صعوبات قيام ذلك لا تُوجب عدم التبشير به, فثمة تململ كبير من حالة الفساد والتبعية والتمزق الإجتماعي الأمر الذي يدعونا حقاً إلى الدعوة إلى شكل من أشكال (الديمقراطية المتنقلة أو المُمَرْحلة) وبما يعني أنْ تأتي الديمقراطية على مراحل وبجرعاتٍ نسبية تتوافق وتنسجم وتتفاعل على ما تُنتجه على الأرض من تحوّلات ذات مردود انعكاسي يحقق النقلة المرحلية التالية فلا يجعل الديمقراطية وكأنّها نظام قد أُنزل بالباراشوت أو جاءت تقليداً أعمى لنظم كانت ديمقراطيتها قد جاءت كاستجابة مرحلية وتاريخية لواقع أنتجها وحضارة استوجبتها.

    إنَّ صيحاتِ تحويل الديمقراطية إلى مقدس لا يجوز الاقتراب منه أو تعديله أو حتى تأجيله، إنّما هي دعواتٌ قد تكون صادرة إما من المجاميع المستفيدة من شكلها المشوَّه أو من ردود فعل مشروعة ضد الدكتاتورية المجرمة أو من أصحاب النياتِ الطيبة الذين يعتقدون أنَّ بإمكان الديمقراطية أن تحمل سرَّ قوتها وتطورها في ذاتها.

     إنَّ قدرة الديمقراطية على البقاء والتطور والإنتاجية ستكون مضمونه حينما تكون الديمقراطية، قد تأسست على ونشأت من بُنى اقتصادية وثقافية سليمة تصلح كرحم لولادتها ولادة طبيعية, فالديمقراطية أيضا مخلوق حي ضمانة أن يأتي من داخل رحم سليم معافى لا من داخل رحم مريض أو تأتي كولادة من خارج الرحم لأن ذلك قد يكون كفيلاً بموت الأم وموت الجنين.

________________________________________________________________________________________

برقية تحيي الزميل العزيز، فنان الكاريكاتير المبدع الأستاذ خضير الحميري.

مقالات ذات صلة