النفيسي: دول الخليج “محطات بانزين”..وأميركا ستتخلى عنها لإيران من أجل حربها في بحر الصين الجنوبي!!!
“برقية”: قال المفكر السياسي الكويتي د.عبدالله النفيسي، إنّ الأميركان انهزموا في أفغانستان، مثلما انهزموا في فييتنام، فيما ألمح بقوة إلى أنّ دول الخليج الست، والمنطقة العربية، أسيرة الهيمنة الغربية، ولن تقوى على مواجهة التحدّيات. وأوضح أنّ واشنطن تنظر إلى العرب “باستهانة” بينما تمكّن المقاتلون الحُفاة في أفغانستان من تركيع إرادة البيت الأبيض!.
وفي تحليل سياسي مكثف عرضه اليوتيوب قال النفيسي: كان عندي مركز في منطقة “كامدن تاون” بلندن في التسعينيات اسمهُ مركز إبن رشد للدراسات والأبحاث. وكنتُ ألتقي في مكتبي بهذا المركز بأعضاء من الكونجرس ومن مجلس العموم ومن مجلس البرلمان الأوروبي. وكنّا نعمل بمثابة مراقب للقرار الغربي قبل أن يصدر، فنحن نتصل بالكونغرس الأميركي، وبمجلس العموم وبالبرلمان الأوروبي، وندرس القوانين المتعلقة بمنطقتنا.
وأوضح قائلاً: كنت أستضيف أعضاء هذه المجالس عندما يكونون في لندن، وأتبادل معهم أطراف الحديث. وذات مرة تحدثت في جلسة شاي مع واحد من أعضاء البرلمان البريطانيِ، معترضاً على قضية محدّدة تتعلق بدول الخليج، فقلت له: “دولنا لا تقبل بهذه القضية، ولذلك ستعترض على قراركم”، فإذا بابتسامة تملأ وجهه، ليسألني: عبدالله..هل أنتَ جادٌّ في كلامك؟.
قلتُ: نعم، أنا جادٌّ بكلامي!، فردّ علي بشيء من التهكم:
انتم بالنسبة لنا لستم دولاً، أنتم مجرّد (محطات بانزين)، وعلى كل محطة علم، لكي تأتي الناقلة، تعبئ وتمضي بسلام. فلا تقل لي إنّ دول مجلس التعاون ستحتج، وتعترض، فهي عندما يبدأ الشغل على الأرض، تتراجع، وتلتزم بما يُملى عليها!.
ومن جانب آخر قال النفيسي: انظروا ماذا فعلت طالبان بالقوات الأميركية..لقد تمكّن حفاة الأقدام من مسلحي طالبان، وواحدهم يحتمي من البرد الشديد فقط بغطاء بسيط على كتف، لكنّه يحتضن “الكلاشنكوف” لعشرين سنة، وبالتالي لم تتمكن البنتاغون من تركيعه. وفي نهاية المطاف، جنح الأميركان للبحث عن وساطات في الخليج، يرجون التكلم مع طالبان، لتسمح لهم بالانسحاب الهادئ. ولمّا لم تتهيّأ لهم مثل هذه الوساطة هربوا من أفغانستان، كهروبهم المذلّ من فييتنام!!.
وبيّن المفكّر النفيسي أنّ الأميركان سيفعلون الشيء نفسه مع حلفائهم في الخليج ليتركوهم لمصيرهم كما تركوا حلفاءهم في كابل بأفغانستان ومن قبل ذلك بسايغون. لهذا فإن اعتماد الخليج ومنطقة الجزيرة العربية على الأميركان إنّما هو “انتحار بطيء!!”. وقال ينبغي النأي عن هذه السياسة والبحث عن مشروع آخر!.
وبيّن أنّ الهم الأساس لأميركا، الآن هو (كابوسها الصيني)، ويبدو أنّ واشنطن ستُقدِم قريباً على حل جميع الملفات في الخليج والجزيرة العربية، تخلّصاً من عبئها، ولكي تتفرّغ لمواجهة الصين، ولأنها لا تقوى على مواجهتها إذا بقيت مشغولة بالخليج. وشبّه انشغالها به بأنه عبارة عن “ملفات تافهة”!!.
وأكد النفيسي أنّه لا يستغرب من أن تتخلّى واشنطن عن دول الخليج الست، لتتركها تحت رحمة من تعرفونهم، ويعني بذلك إيران. ووصف سياسة الرئيس بايدن بأنها زعامة ضعيفة، خائبة، ومذبذبة، فهو من أول يوم أعلن للأوكرانيين: “لن نقاتل معكم على الأرض”. وأوضح النفيسي قوله: كأنه يقول لبوتين: “توكّل على الله، أكمل المشوار”. وهذا يكفي للتعبير عن ضعف الموقف الأميركي، في ما يتعلق بالحرب الأوكرانية.
ومن جانب آخر أكد النفيسي أنّ مراقبي العالم سجلوا للرئيس الصيني، شي جين بنغ، لمّا افتتح الدورة الأولمبية الشتوية في بكين، تكلم لخمس دقائق، وهو لا يتحدث إلا عن قضايا هامّة، لكنّه لم يذكر الحرب الأوكرانية لا من قريب ولا من بعيد، والأوكرانيين لمّا قرؤوا كلمته أدركوا أن الصين لا شأن لها بروسيا، وأنّ بكين مرتاحة جداً للحرب الأوكرانية لأنها تنهك روسيا، وتدفع قيادة موسكو الى الموقف الضعيف مع الصين، وبالتالي تطلب استرضاءها، ومعونتها، وأيضاً يهيئ ذلك للصين قيادة المعسكر الآخر.
وقال إن الصين حذرة جداً في هذا الموضوع. ووصفها بأنها “أنانية لدرجة غريبة في مواقفها الاستراتيجية”. وتابع: “إنها لا تفكر في العالم إطلاقا ولا تفكر في القوميات ولا تفكر في الأديان، تفكر فقط بمصلحتها القومية”!!. وبين الدكتور النفيسي أنّ الصين تعمل الآن بطريقة اقتصادية شرسة في إفريقيا، إذ وضعت تحت جناحها جميع مشاريع إفريقيا الاقتصادية، وراحت تتّجه الى أميركا اللاتينية. وأوضح أنّ الروس كمواطنين، يؤمنون الآن بالصين أكثر من إيمانهم بالدولة الروسية، فالصين عندهم تلعب دوراً ناجحاً، وتستفيد كثيراً مما يدور في أنحاء العالم.
و اختتم النفيسي حديثه قائلاً: أنا متخوف كثيراً جداً من “السخونة في بحر الصين الجنوبي”، فالحرب القادمة ستكون في بحر الصين الجنوبي وليس في إسرائيل أو فلسطين أو العالم العربي أو إيران. وشدّد على القول: (أميركا غير مهتمة الآن بهذه الملفات). وتابع: (إن أميركا مستعدة تماماً لتسليم الخليج لإيران، إنهاءً لمشاكلها في منطقة الخليج والجزيرة. أما مشكلة أميركا الأساسية فهي في الصين وفي الشرق الأقصى الـ “Far East” وبالذات في بحر الصين الجنوبي).