العراق

الليبي عمر الحامدي، يبحث في العراق عن شخصية قومية غير (مُدَجَّنة )!!.

     لم أقم بزيارة ليبيا : لا سائحاً ، ولا مدعواً من جهة ليبية ، ولا موفداً من جهة عراقية . وانا راضٍ وربما سعيد بما حصل. كانت ممارسات النظام العسكري الليبي (مُنفِّرة) . وأتذكر انني قرأتُ ، مطلع سبعينات القرن الماضي ، وفي جريدة لبنانية ، تساؤلاً هذا نصه : من يخلِّص العرب من المال الليبي؟..والرجل العراقي؟ .

     لم تكن الأرض الليبية مغرية للزيارة . كانت “الحماقة” سمة ممارسات هذا النظام . فحين قال مسؤول عراقي بأنه سيحرق نصف اسرائيل بالكيمياوي المزدوج ، وقف مسؤول ليبي ، ليقول : ونحن الليبيون سنتكفل بإحراق النصف الباقي! . والنتيجة : أُحرق العراق باليورانيوم المنضَّب وغيره ، وتم إحراق ليبيا ، وبقيت اسرائيل بعيدة عن المزدوج .

                           ***

         بقيت بعيداً عن ليبيا . الا أنه عام 1974 توفّرت الفرصة للاقتراب من مسار الأحداث فيها . وقتها زار العراق مدعواً من رئيس تحرير جريدة الثورة ، الصحفي الليبي عمر الحامدي (عمره الآن 82-83 سنة) ، رئيس تحرير جريدة الفجر الجديد الليبية . ولعبت المصادفة دورها . فعن طريق الإعلامي العراقي المصاحب للضيف الليبي ، اقتربتُ من معرفة بعض وقائع زيارة الحامدي .    

       وخلال هذه الزيارة أقام السفير الليبي في العراق دعوة غداء في مطعم (فاروق) مجاور معرض بغداد ،وكنتُ ضمن المدعوين . وعلى هامش هذه الدعوة تحدث الليبيان : الحامدي والسفير ، وكان شخصية مثقفة اختير لاحقاً ليصبح وزيراً للتعليم العالي في بلاده . كان مضمون حديثهما مليئاً بالتطلعات القومية ، والإعجاب بحكم عبد الناصر في مصر .

                      ***

       تحدثوا كثيراً ، وشكّكوا – بشكل مخفّف ودبلوماسي بسبب الضيافة – بتوجهات النظام العراقي القومية . وهنا فاجأ الحامدي الحاضرين العراقيين بطلب اللقاء مع شخصية عراقية قومية ناصرية لم يتم (تَدْجينُها) ، أي لم يتم احتواؤها . وفي وقت لاحق تمت تسمية هذه الشخصية. وتم اللقاء المنفرد بينهما . وبعد ذلك بسنوات عُين هذا العراقي (غير المُدجَّن) وكيلاً لوزارة الثقافة والإعلام في العراق. إنه الإعلامي نوري نجم المرسومي .واستمر في هذه المسؤولية حتى احتلال العراق .

    الليبي عمر الحامدي ، حلَّ في العراق ، عام 1974 ، يبحث عن شخصية قومية لم يتم (تدجينها) ، فهل عثر عليها؟!…

مقالات ذات صلة