“الغارديان”: إسرائيل تمتعت بـ”حصانة الإبادة في غزة” على إشعال الحرب ضد إيران!..


تحليل إخباري
اللافت جداً، والمؤثّر، والمصيب أيضاً لكبد الحقيقة، قول صحيفة “الغارديان” البريطانية في افتتاحية لها: (لقد شجعت الحصانة التي تمتّعت بها إسرائيل بشأن حرب الإبادة الجماعية في غزة على اتخاذ هذا المسار الخطير، وغير القانوني) في إشعال الحرب!.
ولذا دعت الصحيفة القادة الأوروبيين الذين تأخروا في التعبير عن قلقهم بشأن غزة، وقلّلوا من نبرتهم منذ أن بدأت الضربات على إيران، إلى أن يتخذوا خطوات ملموسة لوقف الهجوم الإسرائيلي وكذلك لدفع المفاوضات إلى الأمام.
والغارديان التي عَنْوَنَتْ افتتاحيتها ليوم 19 حزيران 2025 “حول ترامب وإيران: حرب نتنياهو بلا مخرج مرئي”، إنّ الرئيس الأميركي وعدَ بإبقاء بلاده خارج النزاعات، لكنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي له “أفكار” أخرى بحسب الصحيفة.

وتقول “افتتاحية الغادريان”: إن المقولة الشائعة بأن “الحروب من السهل إشعالها ولكن يصعب إنهاؤها” لا تبدو أنها تزعج بنيامين نتنياهو، فهو يرى في الصراع غاية بقدر ما هو وسيلة، فهو يمدد من خلاله عمره السياسي. وتحت ضغط دولي، وإن جاء متأخراً وغير كافٍ بسبب المجازر في غزة، أطلق نتنياهو هجومه على إيران.
وأوضحت الصحيفة قولها: لقد قدّم نتنياهو هذا الهجوم في البداية باعتباره ضرورياً لمنع طهران من الحصول الوشيك على قنبلة نووية، وهو ادعاء –برأي الصحيفة البريطانية- يتعارض مع تقييمات الاستخبارات الأمريكية، لكنه يُناقش بشكل متزايد الآن على أنه طريق لإسقاط النظام الإيراني. وقد صرّح وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف كاتس، بأن المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، “لم يعد يُسمح له بالوجود”.
من جانبه –تقول الغادريان- كان دونالد ترامب يرى عمومًا أن الصراع المسلح هو فخ، لا مخرج. وقد قال إن “نجاحنا لا يُقاس فقط بالمعارك التي ننتصر فيها، بل أيضًا بالحروب التي ننهيها – وربما الأهم من ذلك، الحروب التي لا ندخلها أصلًا”. ومع ذلك، فإن فشله في تحقيق صفقات السلام التي يطمح أن تُرشحه لجائزة نوبل، بالإضافة إلى مناورات نتنياهو، يبدو أنه جعله أكثر ميلًا للتدخل الأمريكي. فإسرائيل تطلب قنابل خارقة للتحصينات من الولايات المتحدة لضرب المنشأة النووية تحت الأرض في “فوردو”. ولا يوجد ضمان بأن هذه القنابل ستنجح. كما أن طموحات إسرائيل بإسقاط النظام تقوض ادعاءها بأنها تخوض معركة سهلة – على غرار التعبير الذي استُخدم بشكل سيء السمعة لوصف غزو العراق عام 2003. لا يوجد حتى “خطة سيئة لليوم التالي” – بل لا توجد خطة على الإطلاق.

وترى “الغارديان” أنّ ما يشترك فيه ترامب ونتنياهو، هو أن كليهما يضع مصلحته السياسية فوق مصلحة بلاده، وأن كليهما لا يهتم بمصير 90 مليون إيراني، فالنظام الإيراني الوحشي والثيوقراطي ممقوت من قبل كثيرين، برأيهما، لكن مئات المدنيين، لقوا حتفهم بالفعل بينما تعرض إسرائيل قصفهم “من أجل حريتهم” والمجازر التي حدثت في غزة توحي بأن الأسوأ قد يأتي!.
كثيرون من الإيرانيين عاشوا عواقب إسقاط حاكم مكروه في عام 1979، والبقية شاهدوا ما نتج عن الغزو الأمريكي للعراق. وفي الوقت نفسه، يواجه المدنيون الإسرائيليون الآن انتقامًا إيرانيًا.
ومن المذهل أن المستشار الألماني، فريدريش ميرتس، وصف ذلك بأنه “عمل قذر تقوم به إسرائيل نيابة عنا جميعًا” (ويُقال إنه دعا إلى “الاعتدال” في مكالمة لاحقة مع نتنياهو). وقد يغير رأيه إذا ارتفعت أسعار الطاقة، وازداد زعزعة استقرار هذه المنطقة الهشة، ودفعت الفوضى وانهيار الدولة الإيرانيين إلى الفرار نحو أوروبا.
وقد حذر المدعي العام البريطاني، ريتشارد هيرمر، بحسب التقارير، من أن أي تورط بريطاني في هذه الحرب يتجاوز الدعم الدفاعي سيكون غير قانوني. وكان من الصواب أن يدعو كير ستارمر إلى التهدئة والتفاوض بشأن الملف النووي.
ترامب يحب فكرة الانتصارات السريعة، لكنه يعلم أن ارتفاع أسعار النفط والتدخل العسكري قد ينفران الكثير من مؤيديه. وحتى مساء الخميس، كانت إيران قد تجنبت استهداف القواعد والمصالح الأمريكية، ويُقال إن وزير خارجيتها، عباس عراقجي، قد تحدث عدة مرات مع ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص لترامب. ورغم أن هذا بعيد كل البعد عن “الاستسلام غير المشروط” الذي يطالب به ترامب، إلا أن هناك طرقًا للخروج من هذه الأزمة. ولا يجب السماح لنتنياهو بتدمير هذه السبل.
