“الصراع ضروس”..ثلاثة مسارات إيرانية في مواجهة واشنطن..



باختصار: تتشكّل استراتيجية إيران في صراعها الضروس مع الولايات المتحدة في إطار ثلاثةِ مساراتٍ مهمة:
أولها: أنَّ المرشد الإيراني علي خامنئي، “لا يتوقّع أنْ تتعرَّض بلاده لضربةٍ من الخارج”. هذا ما أكّدَهُ أو “رجّحهُ بشدة” في خطبته عقب أداء صلاة العيد بمصلّى طهران أمس الاثنين، الحادي والثلاثين من شهر آذار الفائت. وفي هذه الحال، طبقاً لرأي خامنئي فـ”إذا كان الاعداء يخططون لإثارة فتنة داخل البلاد، فإنّ الشعب الايراني هو من سيتولى الردّ عليهم”. وهذا “منطق” لا يُعتدُّ به في سياسات الدول، أي أنّ الردّ سيأتي من السلطة العسكرية والأمنية ومؤيّديها من الحرس الثوري، لا من “الشعب”!.
المسار الثاني: أنّ إيران قد تتلقى ضربةً قويةً (إسرائيلية)، لكي تبقى المصالح الأميركية في الشرق الأوسط أو العالم، بعيدة عن تسويغ الانتقام الإيراني المباشر، لكنَّ طهران من جانبها قالت:”إنّ ردّنا سيكون قوياً من دون شك”!!. وهذا يعني أنّ إيران، إذا ضُربت بقوّة، لا بما يشبه الضربات التي تعرضت لها في السابق، فإنّها “ستشعل المنطقة” في الأقل!.
أما المسار الثالث: تشدّد إيران على أنّ أية ضربة لمشروعها النووي، سينقلها إلى “صناعة القنبلة النووية”، بخلاف فتوى معروفة بهذا الشأن للمرشد الإيراني، تؤكد حظر صناعة مثل هذه القنابل ذات التدمير الكتلوي!.

إنّ مجمل هذه الاستراتيجية المعلنة، تشكّلتْ مفرداتها الأساسية في أعقاب التصريحات الأخيرة للرئيس الأميركي، دونالد ترامب التي جعل لها مسارين اثنين:
أولهما: تهديده في رسالته (19 آذار) إلى خامنئي، وبنبرة حادّة، أنّه يمنح طهران مهلة شهرين، للتوصّل إلى اتفاق نووي جديد. وإلا فإنّ أي هجوم –بحسب ترامب- سيكون “على نحو لم يسبق له مثيل.”!. وتهديد الشهرين، يمكن تفسيره بأنّ طهران، ربما تكون على حافّة “صناعة قنبلة نووية”، وليس من المستحيل التفكير في أنّها قادرة على ذلك!.
والثاني: أنّ شروط ترامب، تتضمّن تقييد البرنامج الصاروخي الإيراني، وتقليص أو إنهاء دعم طهران للجماعات المسلحة في المنطقة.
إلا أنّ وزير خارجية إيران، عباس عراقجي، أوضح قبل أقل من أسبوع أنّ بلاده ردّت على رسالة ترامب “بالشكل المناسب عبر سلطنة عمان”!. وأشير في تسريبات نشرتها صحيفة العربي الجديد، إلى أنّ إيران ترفض التفاوض بشأن برنامجها الصاروخي، ودعمها للجماعات المتحالفة معها، فضلاً عن رفض أية محادثات تتجاوز إطار الاتفاق النووي.
ومما يلفت تأكيد خامنئي في “خطبة العيد” على قضايا، يمكنُ أنْ تُعدّ من باب الضغوط باتجاه تخفيض مستوى شروط واشنطن في التوصل الى اتفاق نووي،ومن تلك القضايا، “تجديد الدعوة إلى القضاء على إسرائيل”. و”اجتثاث عصابتها الإجرامية من فلسطين”، و”إزالة هذا الكيان الشرّير”!. وقبل ذلك “، إنكار وقوع “محرقة اليهود” أو “الهولوكوست”، التي وصفت من قبل أحمد علم الهدى، ممثل خامنئي في محافظة خراسان رضوي، بأنها “الكذبة المطلقة”!.
وفي الوقت نفسه، مافتئت تل أبيب تذكّر طهران، بالضربات القاسية التي استهدفت شخصيات بارزة من بينها حسن نصرالله، يحيى السنوار، وهاشم صفي الدين. وهو تهديد مبطّن، لإمكانية استهداف خامنئي نفسه، أو متنفذين آخرين في النظام الإيراني.
