بقلم: عكاب سالم الطاهر
صباح يوم الأربعاء التاسع من آب 2017، وأنا في الفندق السياحي
بالعاصمة الأرمينية يرڤان ، راودتني الكتابة عن هذا الموضوع. والان قررت.
……..1…….
وراء سفر العراقي عدة اغراض.يعرفها كل مسافر لغرض سياحي. وبالنسبة لي اضيف الغرض الصحفي .لم اكلف من جهة صحفية.
ولا انتظر عائدا ماليا. انها حالة فيها بعض من سمات الهوس..الجنون..العبثية..تمرد..ايصال فكرة..لا ادري.
…….2……
وانا، مع المجموعة السياحية ، كنا نغادر بحيرة سافان على تخوم العاصمة يريڤان، من بعد ظهر الاحد الماضي . فجأة كنا امام مشهد مثير . موكب جميل لعرس ارمني . كانت الوصيفة شابة ارمنية
جميلة .لا ادري هل اصطدتها ، ام هي اصطادتني. فكانت الصورة معها . او كانت صورتها معي .
…….3……
الصور مثيرة دون شك.شعرت انني اطبقت على طريدة .وان الصيد الصحفي كان دسماً.
بقيت الصور في هاتفي لساعات .داخلي..كان الذئب الصحفي يعوي بقوة .وبين عدة خيارات كنت ادقق.
……4……..
لم اطق صراخ الذئب. كان يعوي كمن لسعه هزيع صحراوي في أخريات ليل شتوي . كانت لذة الصيد تملا الفم..هل ارسل الصور
لبعض اصدقائي على الخاص ؟؟
كان ذلك احد الخيارات.لكني كصحفي ،كنت ابحث عن اثارة ما ، تنتزع تعليقات مع ، او ضد .
اردت ان اتخطى تعليقات مثل ( امنور ) ..
.. …5…ّ.
الف باء الاثارة الصحفية ، تقول :ليس مثيرا ان تقول ان كلباً عض انسانا..بل ان انسانا عض كلبا.
هل انشر صورتي مع صاحب المطعم نوبار ؟.ما الاثارة في ذلك ؟..
…..6….
وفي لحظة تغلب عواء الذئب على غيره ، قررت ان انشر..وهكذا كان.. وجاءت تعليقات معظمها مستحسنة. قليلون لم يمروا . قليلون كتبوا لي عبر الخاص ، معبرين عن هواجس ونصائح ، اقدر دافعها الاخوي.
……7….
اعتز بجميع من مر معقباً…وكان ثمة، قلم نسوي جريء. لكن الصحفي الصديق زيد الحلي..كان دقيقا ، كعادته .حين التقط دلالة مهمة. اذ كتب الحلي العزيز :من يتحدث لست انت..بل ابو شاهين السبعينات.كان الحلي زيد ذكيا ، وامينا ، حين اشار الى حقبة السبعينات الصحفية وللاجيال الحاضرة اروي..
..ّ……8……
في تلك السنوات ،كنا نصعد بثقة ، على سلم الصحافة. كان العطاء الصحفي هو العامل المهم في تقلد المسؤوليات. ورغم اني كنت مهندسا في مطبعة جريدة الثورة ، الا انني كنت اتنافس مع اخواني الصحفيين ، حتى ان مستشار الجريدة الصحفي المصري ،خليل صابات ، قد رفع تقريرا الى رئيس التحرير ، الاستاذ طارق عزيز ، يوصي بنقلي من المطبعة الى التحرير. وكان جواب رئيس التحرير : ان ابا شاهين يعطي في اكثر من ميدان ، وحبذا لو كان الاخرون مثله .
ملاحظة: تقرير المستشار صابات ، وهامش طارق عزيز محفوظ في اضبارتي الوظيفية.
……9…….
وفجأة صدر مرسوم جمهوري ،عام 1975 بتوقيع الرئيس احمد حسن البكر ، بتسميتي مديراً عاما لدار الثورة للصحافة والنشر / جريدة الثورة .كنت اول مدير عام لجريدة التنظيم السياسي الحاكم. وهي اهم واخطر مؤسسة اعلامية..لم اسع لهذه الوظيفة..ولم اكن راغبا بها .كنت قليل التجربة .ومستواي التنظيمي في قاعدة الهرم. وقد غادرت التنظيم بسنوات قبل 17 تموز .ولم اكن اطيق التصرفات والعبارات المكبلة بقيود البروتوكول الوظيفي.
انا قادم من الريف..اتذكر مسحاة والدي..و..رغاء الجاموس..وزغاريد
بنات الريف..
…….10….
اكثر من مرة سافرت نحو خارج العراق .سياحة او ايفاداً..وعندما
اعود اكتب في جريدة التنظيم المركزية..تحت عنوان..من حقيبة
السفر..ويضم التقاطات من السفر.. وكانت لي مغامرات مرتبطة بمراهقة الشباب.وفي العودة كتبت عنها بوضوح الى حد ما.
وعن أحدها كتبتُ :كان اسمها جوزفين. وكانت تبيع الحب. والريفي المحمل بعقد الشرق ،يعوي في أعماقه ذئب مفترس.
وأخيرا :أحجم الريفي عن دخول التجربة. وهرب من المصيدة.
…….11……
ولم تكن الكتابة في مواضيع كهذه
سهلة. ففي بعض المستويات المسؤولة والمهمة ، كان هناك تزمت ما. الم يوصف اعلام تلك الفترة بانه شمولي.؟؟ ومع ذلك كنت مغامرا…ذات مرة كنت موفدا الى فنلندا .وعندما عدت كتبت .ومن بعض ما جاء فيه :
كانت فنلندية…
…
…….
واخيرا :نادتني يا ابي…!!!
نشرت الجريدة ما كتبت…صباحا رفع رئيس التحرير طارق عزيز ، الهاتف ، ليقول لي :ها ابو شاهين..صرت ادّور حصرم !!ّ
امثلة كثيرة عن مغامرات ومراهقات..صحفية..نشرت .فقط لا
توجد صور.. كان ذلك عام 1975 ، وانا مدير عام لاهم مؤسسة اعلامية ..كتبت ونشرت ولم يعترض مسؤول..بل جاءتني اتصالات هاتفية من جهات اعلامية عليا مستحسنة ، ومشيدة ببعض الكتابات اللبرالية في الجريدة. فكيف الان؟؟ كان زيد الحلي ذكيا و دقيقا… هنا تتوقف شهرزاد عن الكلام..
المباح .. و.. غير المباح.