السابع من “أكتوبر غزة” يؤرّخ زمن التخلي عن أهل فلسطين!



أصبح تاريخ 7 أكتوبر تاريخاً فاصلاً فريداً من نوعه، أظهرت معطياتُه حقيقة الناس، وكشفت وجوههم ، كشفتها بدقة غريبة وعجيبة، ومن دون أيِّ أقنعة، فمنهم من لبس الحزن رداء يومياً، يبكي فيه عذابات الفلسطينيين ومعاناة أطفالهم وشيوخهم ونسائهم، برغم أنّهُ مثقلٌ بقتل الأبرياء العزل الذين لم يقف معهم لا قريب يُعينهم ولا بعيد يناصرهم، بل تخلى عنهم الجميع بلا حياء .
والوجه الثاني، هو الوجه الخجول، المجامل، المصفِّق مع المصفقين والباكي مع الباكين، مع أنّ حاله، يشابه تماماً وصف القرآن الكريم “كالحمار يحمل أسفارا”. وأما الوجه الثالث، فما أكثر أصحابه، هم من أمم العرب والمسلمين وخصوصاً من أهل الخليج الصهيو-أميركيين، هؤلاء هم أصحاب هذا الوجه البشع، وأكثرهم خسة هذا الذي لا يستحيي ولا يحمل ذرة شرف، أو وجدانٍ، أو ناموس. فهو بحق “عارٌ” على الدنيا، بل عِبءٌ عليها فهم من “أشباه الرجال” وليس منهم!..هؤلاء جميعاً حجزوا مكانهم في مزبلة التاريخ .
لقد فضح الثبات الفلسطيني أكاذيب العالم الغربي برمّته، فقد كان ومازال ينعق صباحاً ومساء بمزاعم حقوق الانسان والعدل الدولي وحقوق المرأة وحقوق الأطفال. في الواقع، لقد داسوها كلها بكعوب أحذيتهم!.

ولعل في الآخرين، عرباً ومسلمينَ، من شارك بشكل أو بآخر، في سحق الفلسطينيين، وذبحهم بـ”خيانة القربى” ذبحوهم بلا رأفة ولا رحمة، قتلوهم، حتى بلا أسفٍ، فتلطخت أيديهم بدماء الأبرياء العزل.
فأصبح العالم كله يحمل وصمة عار اسمها “غزة”. لقد شاب الصغار من هول ما رأوا واحترقت قلوب الكبار من كثرة ما لاقوا من ظلم، إذ أخرسهم الألمُ، وأذهلتهم مشاهد الحرب والخيانة . إن خيانة العرب لأهل فلسطين، وتركهم وحيدين بلا معين ولا سند جعلهم، يركبون قوارب الأحزان والهموم، وليس لهم إلا الله!.
وبذا لاحت غزة لكل “آدمي وابن أوادم” كالصراط المستقيم، فإما جنة عرضها السماوات والأرض، أو هي جهنم خالدين فيها أبدا. كشفتهم هذه الفتاة، العربية، السمراء، الغزاوية، والتي تكالب عليها ظباعُ الأرض، لكنهم لم يفلحوا، ولن يفلحوا في اغتصاب كرامتها، أو في انتهاك شرفها، الذي أراقت غزة نفسها على جوانبه الدِّما.
كم أنتِ كبيرة يا غزة!. لقد أصبح ثراك، مثالَ التحدي والنضال والثبات والانتصار . كم أنتِ كبيرة يا غزة، يا بنت فلسطين الحبيبة، يا بنت العرب الشرفاء، على “قلّتهم” والذين هم برغم تيههِم في ظلمات هذه الدنيا يبحثون عن بصيص نور يهديهم الى منارة النصر . ستبقين صوتاً عالياً يدوّي في السماء.. ستبقين مِخرزاً مسموماً في خاصرة كل عدو.
التضحيات الجسيمة منكِ اليوم، وغداً ستكتبين نصركِ على جبهة الشمس وفوق الأرض بحروف نور من دم الشهداء .
