الحلّي .. بين الانطباعات الشخصية والنقد

بقلم: ستار الشمري
مرة اخرى يبحر بنا استاذنا زيد الحلي في عالم الثقافة والصحافة والفن عبر كتابه الجديد (كثير من الانطباع .. قليل من النقد) الذي قدم له الاديب والناقد الاستاذ علي حسن الفواز.
الحلي بأسلوبه الرشيق يجول بنا مستذكرا رؤية قديمة وجديدة لهادي العلوي، وواصفا ابتسام عبدالله بانها مرهفة الحس ومتقدة الخيال، معرجا على ازدواجية السر والعلن في قصيدة “التتويج” للكبير الجواهري، ويقف عند محطات الأمس للناقد الدكتور محمد رضا مبارك، ثم بكاء فيصل لعيبي بدموع ملونة في موكب حزين، ويروي لنا كيف فجرت نازك الملائكة قنبلة وسط الأدباء العرب، ثم يحدثنا عن حياة ناظم السعود التي دارت به عكسيا، ثم يعرج على فشل عبدالوهاب البياتي في الصفحات الثقافية، ويكشف السر عمّن صنع حسين مردان، مارا بغربة وهموم الشاعر يحيى السماوي، ثم يحكي لنا كيف طلقت لميعة عباس عمارة الشعر في حين ان ادعياءه يتكاثرون، واخيرا يسرد لنا كيف انطق د. طه جزاع الحمار في ليلة صيف.
ووسط كل هذه الكوكبة من المبدعين لا ينسى الحلي معشوقته الصحافة فيقول الى ان احتلال الصحافة هو احتلال وطن، مشيرا الى كتاب الزميل الاستاذ عبدالهادي مهودر (احتلال الصحافة)، داعيا لفتح النقاش حول أخلاقيات مهنة الصحافة وما يعترضها من اشكاليات ضاغطة .. ليعود ويقف عند الصحافة النسوية العربية فهو يرى ان أمسها أفضل من حاضرها فهي اليوم تهتم بظواهر الحياة من صرعات الموضة ورفاهية النجوم وتبتعد عن الجوهر وعن كواليس المجتمع ومشكلات المرأة وما أكثرها مشددا على ضرورة وجود صحافة نسائية راقية فكرا وطرحا وخطابا.
كتاب الحلي هذا وكما يقول (ان اصدار كتاب ليس مجرد رغبة شخصية، بل هو شأن عام يدخل في باب الذائقة الثقافية للعراق).. نعم انه ليس رغبة شخصية وانما تجارب عمرا مهنيا وصحافيا لأكثر من 60 عاما، فمن الصعب ان تحصر مقالات الحلي في الصحافة العربية والعراقية وهو الذي واكب احداثا واياما اخضعها تشريحا ليراعه الندي من قضايا سياسية واجتماعية وثقافية واقتصادية، فالحلي هو المهني الذي لم يتوقف عطائه ولم يركن قلمه جانبا يوما ولم يلملم اوراقه ويضعها في ادراج مكتبه.
وصدق من قال ان الثقافة الحقة مثل الارض الجيدة، تحتاج الى فلاح ذكي ونشيط.. فكان ذلك الفلاح هو معلمنا زيد الحلي.
