أدب

الأماني هباءٌ يا أبا الريم.. لم يبقَ من الأمس غيرُ ذكرى انطوائه ! …

   ستون عاماً مضت منذ التقينا في متوسطة الفجر في الكاظمية ، لم يكن منزله يبعد عنّا سوى خطوات، كُنّا في ليالي مدينة الحرية حينما يهدأ اللهب الذي يشوي الوجوه، ليس لنا سوى المقاهي، نروح اليها نتخطّى المسارات نحو الحكايات التي لا نملّ منها، ولا تشبع مِنّا..كنا نحلم ونتمنى..يناجينا الوطن ونناجيه ، نركض ، نلهث، نستريح. تختلط النجوى في الليل، نقرأ الشعر ونمضي نحو مقاهي ( شمة، أبو خالد، الساقية)كانت الحرية أنيقةً بساكنيها، هي مسكن لمبدعين ألقوا أشرعتهم فيها واستوطنوا في منازلها، يودعون في الكتب أسرَارهم وحكاياتِهم، يستريحون في كتف الساقية لأنّ مشاريع ثقافية ستولد من هناك،صداقات جميلة رغم المخاوف،

     عند الساقية تتسع مساحة الجدل لتختفي المشاكسات، لا الذكريات خبت ولا النسيان ادركني، فما زلت أعرف أين يجلس أحمد خلف وكيف تلتمُّ المجموعة على بعضها بلا حزن ولا غمّة.(حميد الخاقاني، عبد المنعم الاعسم، حاتم الصگر، نصر محمد راغب، منهل العارضي، رياض رمزي، حسين الهنداوي، عبد الامير الحبيب، باقر الزيدي، عبد الامير الركابي، ابو سلام محسن الاميري، مالك اسود، ) وآخرون..

كان احمد خلف من بيننا الاكثر حيوية وحماساً للنشر في الصحف العراقية، احتفينا بقصته ( خوذة لرجل نصف ميت) التي نشرتها مجلة الآداب اللبنانية ..

ذاك المكان لابد من ضحية تفتديه ، لتختفي الصورة من الافق كما لو كانت حلماً

لم يبقَ من الأمس غيرُ ذكرى انطوائه !

  سماؤك لم تعد الآن تلك السماء يا أبا الريم، والاماني هباء، فأنت الشراع المسافر والزورق الذي أتعبته البحار فألقى بمرساته واستراح..

  أصيح يا أحمد حتى أحس ان لهاثي قد تحجّر

 يرتد صوتي وتسقط حنجرتي، ولا من مجيب..

يا ليتك تسمعه ؟؟

يا ليتك تسمعه ؟؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*كان لا بدَّ أنْ ننعى الأخ العزيز الروائي والقاص الأديب المبدع الأستاذ أحمد خلف رحمه الله. لي معه ذكريات كتبتُ عنها قبل نحو عشر سنوات في صحيفة “المشرق”، ضمن عمودي اليومي “كوابيس وأحلام”، ربما تحينُ فرصة أخرى للحديث عنها. وفي متابعتي لما نُشر في “وسائل التواصل الاجتماعي”، بشأن نبأ الفقدان المفجع، اخترتُ كلمة رثاء رقيقة ومحزنة، كتبها الصديق الأستاذ جمال العتّابي، ننشرها في “برقية”، معبّرين عن أسفنا وحزننا لخسارة جديدة من خسارات مبدعينا العراقيين في الحركة الثقافية العراقية…صباح اللامي  

مقالات ذات صلة